وروى غيره أنّ ابن الكوّاء (١) سأل أمير المؤمنين عليهالسلام عن صفة الإسلام والإيمان والكفر والنفاق؟ فقال : «أمّا بعد ، فإنّ الله ـ تبارك وتعالى ـ شرّع الإسلام وسهّل شرائعه لمن ورده ، وأعزّ أركانه لمن حاربه ، وجعله عزّا لمن تولّاه ، وسلما لمن دخله ، وهدى لمن ائتمّ به ، وزينة لمن تجلّله ، وعذرا لمن انتحله ، وعروة لمن اعتصم به ، وحبلا لمن استمسك به ، وبرهانا لمن تكلّم به ، ونورا لمن استضاء به ، وعونا لمن استغاث به ، وشاهدا لمن خاصم به ، وفلجا لمن حاجّ به ، وعلما لمن وعاه ، وحديثا لمن روى ، وحكما لمن قضا ، وحلما لمن جرّب ، ولباسا لمن تدبّر ، وفهما لمن تفطّن ، ويقينا لمن عقل ، وبصيرة لمن عزم ، وآية لمن توسّم ، وعبرة لمن اتّعظ ، ونجاة لمن صدّق ، وتؤدة (٢) لمن أصلح ، وزلفى لمن اقترب ، وثقة لمن توكّل ، ورجاء لمن فوّض ، وسبقة لمن أحسن ، وخيرا لمن سارع ، وجنّة لمن صبر ، ولباسا لمن اتّقى ، وظهيرا لمن رشد ، وكهفا لمن آمن ، وأمنة لمن أسلم ، وروحا لمن صدّق ، وغنى لمن قنع ، فذلك الحقّ ، سبيله الهدى ومأثرته المجد ، وصفته الحسنى. فهو أبلج المنهاج ، مشرق المنار ، ذاكي المصباح ، رفيع الغاية ، يسير المضمار ، جامع الحلبة ، سريع السبقة ، أليم النقمة ، كامل العدّة ، كريم الفرسان ، فالإيمان منهاجه ، والصالحات مناره ، والفقه مصابيحه ، والدّنيا مضماره ، والموت غايته ، والقيامة حلبته ، والجنّة سبقته ، والنار نقمته ، والتقوى عدّته ، والمحسنون فرسانه. فبالإيمان يستدلّ على الصالحات ، وبالصالحات يعمر الفقه ، وبالفقه يرهب الموت ، وبالموت تختم الدنيا ، وبالدّنيا تحوز القيامة ، وبالقيامة تزلف الجنّة. والجنّة حسرة أهل النار ، والنّار موعظة المتّقين والتقوى سنخ الإيمان» (٣).
نسبة الإسلام
[٢ / ٢٠١] وبإسناده عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن بعض أصحابنا رفعه قال : قال أمير المؤمنين عليهالسلام : «لأنسبنّ الإسلام نسبة لا ينسبه أحد قبلي ولا ينسبه أحد بعدي إلّا بمثل ذلك : إنّ الإسلام هو التسليم ، والتسليم هو اليقين ، واليقين هو التّصديق ، والتّصديق هو الإقرار ، والإقرار هو العمل ، والعمل هو الأداء ، إنّ المؤمن لم يأخذ دينه عن رأيه ، ولكن أتاه من ربّه فأخذه ، إنّ المؤمن
__________________
(١) عبد الله بن الكوّاء كان في أصحاب علي عليهالسلام وكان من المتعنّتين.
(٢) التؤدة : بفتح الهمزة وسكونها : الرزانة والتأني.
(٣) الكافي ٢ : ٤٩ ـ ٥٠ / ١.