بالنسبة إليه تعالى.
توضيحه : أنّ حروف الترجّي ـ والّتي منها «لعلّ» ـ إنّما وضعت للدلالة على أنّ ما قبلها لا يبلغ مبلغ العلّة التامّة لما بعدها. وإنّما هو في مرحلة الاقتضاء فحسب ، كما في قولك : تعلّم لعلّك تصبح عالما يستفيد منك الناس. إذا التعلّم ، غايته حصول العلم النافع للناس ، وهذا من الاقتضاء ـ عادة وعرفا ـ وليس كلّ من تعلّم بلغ هذه المرتبة حتميّا.
وهذا المعنى لا ينبئ عن شكّ وترديد في نفس المتكلّم بهذا الكلام ، وإنّما هو بيان منه لهذا الاقتضاء الطبيعي حسب العادة المعهودة ، فقد يبلغه الساعي وقد لا يبلغه ولا يساعده التوفيق.
على المرء أن يسعى بمقدار جهده |
|
وليس عليه أن يكون الموفّقا |
وكلّ ما جاء في كلامه تعالى ـ من حروف الترجّي ـ جارية هذا المجرى ، حيث الخطاب عامّ ، وليس كلّ من عبد الله حصلت له حالة التقوى ، إلّا العارفين المخلصين وهم على خطر عظيم.
انظر إلى قوله تعالى : (ثُمَّ عَفَوْنا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)(١). فكان العفو مظنّة الشكر ممّن وعى وتدبّر ، لا الّذي غوى وتبطّر.
وقوله تعالى : (وَإِذْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَالْفُرْقانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)(٢) حيث الغاية من بعثة نبيّ الله موسى عليهالسلام هو اهتداء قومه ، لو اعتبروا.
وهكذا آيات أخرى كان التوقّع فيها بمعنى وجود المقتضي لو لا الموانع ، لا أنّ نفسيّة صاحب الكلام كانت على وجل أو رجاء.
فقوله عليهالسلام : «لعلّ في كلامه تعالى واجب» يريد : أنّ الأثر المتوقّع قد تمّت أسبابه من قبله تعالى ، وإن كان تحقّقه منوطا بشروط يقوم بها العباد ، لو لا تقاعسهم المستوجب للحرمان.
قوله تعالى : (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً وَالسَّماءَ بِناءً)
[٢ / ٦٠٦] أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن مسعود وناس من الصحابة في قوله : (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً) قال : هي فراش يمشى عليها ، وهي المهاد والقرار ، (وَالسَّماءَ بِناءً) قال : بنى
__________________
(١) البقرة ٢ : ٥٢.
(٢) البقرة ٢ : ٥٣.