زادته مغالاة ابنته غموضا ، أيّ نسخة من التوراة كان يستخدمها في دراسته (١).
وقد كانت دراستنا بهذا الشأن وافية ، في كتابنا «التفسير والمفسّرون» (الجزء التاسع من التمهيد) فراجع.
مخاريق هزيلة
[٢ / ٥٣٢] اسندوا إلى ابن عبّاس أنّه قال : كنّا مع عمر بن الخطاب في سفرة بين المدينة والشام ومعنا كعب الأحبار ، قال : فأصابتنا ريح وأصابنا رعد ومطر شديد وبرق ، وفرق الناس (٢). قال : فقال لي كعب : إنّه من قال حين يسمع الرعد : سبحان من يسبّح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ، عوفي ممّا يكون في ذلك السحاب والبرد والصواعق. قال : فقلتها أنا وكعب فلمّا أصبحنا واجتمع الناس ، قلت لعمر : يا أمير المؤمنين ، كأنّا كنّا في غير ما كان فيه الناس! قال : وما ذاك؟ قال : فحدّثته حديث كعب ، قال : سبحان الله! أفلا قلتم لنا فنقول كما قلتم!
ـ وفي رواية ـ فإذا بردة (٣) قد اصابت أنف عمر فأثّرت به.
قال القرطبي : ذكر الروايتين أبو بكر أحمد بن عليّ بن ثابت الخطيب البغدادي في روايات الصحابة عن التابعين (٤).
قلت : ما أعلى كعب كعب عند هؤلاء المساكين حسبوا من رأس اليهود عملاقا يعلم كلّ شيء ويفوق علمه علم الصحابة النبهاء ، فيالها من مخلقة تنبو بها روح الإسلام الزكيّة الطاهرة!
وأورد القرطبي هذا الخبر في تفسير سورة الرعد ، جاء فيه :
[٢ / ٥٣٣] وذكر الخطيب من حديث سليمان بن عليّ بن عبد الله بن عبّاس عن أبيه عن جدّه قال : كنّا مع عمر في سفر فأصابنا رعد وبرد ، فقال لنا كعب : من قال حين سمع الرعد : «سبحان من يسبّح الرعد بحمده والملائكة من خيفته» ثلاثا عوفي ممّا يكون في ذلك الرعد. ففعلنا فعوفينا.
قال : ثمّ لقيت عمر بن الخطّاب فإذا بردة قد أصابت أنفه فأثّرت به ، فقلت : يا أمير المؤمنين ما هذا؟ قال : بردة أصابت أنفي فأثّرت فقلت : إنّ كعبا حين سمع الرعد قال لنا : من قال حين يسمع
__________________
(١) مذاهب التفسير الإسلامي : ٨٦.
(٢) فرق : فزع.
(٣) البردة ـ بالتحريك ـ : حبّ الغمام.
(٤) القرطبي ١ : ٢١٨.