الفلكيّة الاثني عشر.
البرج ـ في اللغة ـ بمعنى الحصن والقصر وكلّ بناء رفيع على شكل مستدير. فالنجوم باعتبار إنارتها تبدو مستديرة ، وباعتبار تلألؤها تبدو كعبابات تعوم على وجه السماء زينة لها ، وباعتبارها مراصد لحراسة السماء (وَحَفِظْناها مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ رَجِيمٍ)(١) هي حصون منيعة. فصحّ إطلاق البروج عليها من هذه الجوانب لا غيرها.
هذا ، وقد خلط على لفيف من المفسّرين فحسبوها منازل الشمس والقمر حسب ترسيم الفلكيّين (٢).
وسيّدنا العلّامة الطباطبائي وإن كان في تفسيره لسورتي الحجر والفرقان قد ذهب مذهب المشهور ، لكنّه قدسسره عدل عنه عند تفسيره لسورة البروج. قال : البروج ، جمع برج وهو الأمر الظاهر ، ويغلب استعماله في القصر العالي والبناء المرتفع على سور البلد ، وهو المراد في الآية. فالمراد بالبروج مواضع الكواكب من السماء. قال : وبذلك يظهر أنّ تفسير البروج [في الآيات الثلاث] بالبروج الاثني عشر المصطلح عليها في علم النجوم غير سديد (٣).
وقال الشيخ محمّد عبده : وفسّرت البروج بالنجوم وبالبروج الفلكيّة وبالقصور على التشبيه ، ولا ريب في أنّ النجوم أبنية فخيمة عظيمة ، فيصحّ إطلاق البروج عليها تشبيها لها بما يبنى من الحصون والقصور في الأرض (٤).
٦ ـ (وَجَعَلْناها رُجُوماً لِلشَّياطِينِ)
يبدو من ظاهر تعبير آيات قرآنيّة أنّ النجوم جعلت شهبا يرمى بها الشياطين. قال تعالى : (وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ وَجَعَلْناها رُجُوماً لِلشَّياطِينِ)(٥).
وقال : (إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ. وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ. لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ
__________________
(١) الحجر ١٥ : ١٧.
(٢) القمي ١ : ٣٧٣ ؛ الميزان ١٢ : ١٤٣ و ١٥٤ ؛ ابن كثير ٢ : ٥٦٨ ؛ روح المعاني ١٤ : ٢٠.
(٣) تفسير الميزان ٢٠ : ٢٤٩.
(٤) تفسير جزء عمّ لمحمّد عبده : ٥٧.
(٥) الملك ٦٧ : ٥.