تأمين حاجة الدولة في سبيل تمشية مآربها في تنظيم شؤون الأمّة العامّة. وإلّا أصبحت معتازة ، ومهدّدة بالسقوط والانهيار ، الأمر الّذي يعود وبالها على الأمّة أنفسهم.
قال تعالى : (وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ)(١)
وقد كانت نفقات نظام الحكم الإسلامي ، في بدء تأسيسه ، مفروضة على عاتق الأمّة ، من ذوي الثروات ، فيقوموا بدفع ما يلزمهم حسب إمكانيّاتهم ، في سبيل تثبيت وتقوية الحكم القائم. فقد كان مفروضا عليهم ذلك ، تسديدا لأود النظام الحاكم ، وإلّا لعاد محذور ضعف الدولة في أيّ ركن من أركانها ، على الأمّة بالذات.
فلا يكن تهاونهم في البذل في هذا السبيل ، موجبا لضعضعة كيان الأمّة ووهن شوكتهم ، لا سمح الله.
٤ ـ الإيمان الشامل
والسمة الرابعة : التوحيد الإيماني ، والتصديق بجميع شرائع الله ، حيث وحدة المصدر والهدف.
وهي الصفة اللائقة بالأمّة المسلمة الواعية ، وهي وارثة العقائد السماويّة ، ووارثة النبوّات منذ فجر البشريّة ، والحفيظة على تراث العقيدة وتراث النبوّة ، وحادية موكب الإيمان في الأرض إلى آخر الزمان. وهذا هو شعار الإسلام الخالد.
قال سيد قطب : وقيمة هذه الصفة هي الشعور بوحدة البشريّة ، ووحدة دينها ، ووحدة رسلها ، ووحدة معبودها. قيمتها هي تنقية الروح من التعصّب الذميم ضدّ الديانات والمؤمنين بالديانات ، ماداموا على الطريق الصحيح. قيمتها هي الاطمئنان إلى رعاية الله للبشريّة على تطاول أجيالها وأحقابها. هذه الرعاية البادية في توالي الرسل والرسالات ، بدين واحد وهدى واحد.
قيمتها هي الاعتزاز بالهدى الذي تتقلّب الأيّام والأزمان ، وهو ثابت مطّرد ، كالنجم الهادي في دياجير الظلام (٢).
٥ ـ الإيقان بالآخرة
والسمة الخامسة : (وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ). وهذه خاتمة السمات ، الخاتمة الّتي تربط الدنيا بالآخرة ، والمبدأ بالمصير ، والعمل بالجزاء ؛ والّتي تشعر الإنسان أنّه ليس لقى مهملا ، وأنّه لم يخلق
__________________
(١) البقرة ٢ : ١٩٥.
(٢) في ظلال القرآن ١ : ٤٤.