كلّها ، ثمّ قال للملائكة : (أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ ، قالُوا سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا) قال : (يا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ) فأنباهم ، ثمّ قال لهم : (اسْجُدُوا لِآدَمَ) ، فسجدوا وقالوا في سجودهم في أنفسهم : ما كنّا نظنّ أن يخلق الله خلقا أكرم عليه منّا ، نحن خزّان الله وجيرانه وأقرب الخلق إليه ، فلمّا رفعوا رؤوسهم ، قال الله : أعلم ما تبدون من ردّكم عليّ وما كنتم تكتمون : ظنّنا أن لا يخلق الله خلقا أكرم عليه منّا. فلمّا عرفت الملائكة أنّها وقعت في خطيئة لاذوا بالعرش ، وإنّها كانت عصابة من الملائكة ، وهم الّذين كانوا حول العرش لم يكونوا جميع الملائكة الّذين قالوا ما ظنّنا أن يخلق خلقا أكرم عليه منّا ، وهم الّذين أمروا بالسجود ، فلاذوا بالعرش وقالوا بأيديهم ـ وأشار بإصبعه يديرها ـ فهم يلوذون حول العرش إلى يوم القيامة. فلمّا أصاب آدم الخطيئة ، جعل الله هذا البيت لمن أصاب الخطيئة من ولده فلاذ به من ولد آدم عليهالسلام كما لاذ أولئك بالعرش ، فلمّا هبط آدم عليهالسلام إلى الأرض طاف بالبيت ، فلمّا كان عند المستجار ، دنا من البيت ورفع يديه إلى السماء ، فقال : يا ربّ اغفر لي ، فنودي إنّي قد غفرت لك ، قال : يا ربّ ولولدي ، قال : فنودي يا آدم من جاءني من ولدك فتاب من ذنبه بهذا المكان غفرت له» (١).
[٢ / ١٠٤٤] وروى الصدوق بإسناده إلى عمرو بن أبي المقدام عن جابر عن أبي جعفر عليهالسلام قال : قال أمير المؤمنين عليهالسلام : «إنّ الله ـ تبارك وتعالى ـ لما أحبّ أن يخلق خلقا بيده ، وذلك بعد مضيّ الجنّ والنسناس في الأرض سبعة آلاف سنة ، قال : ولمّا كان من شأنه أن يخلق آدم عليهالسلام للّذي أراد من التدبير والتقدير لما هو مكوّنه في السماوات والأرض ، وعلمه لما أراد من ذلك كلّه ، كشط عن أطباق السماوات ثمّ قال للملائكة : انظروا إلى أهل الأرض من خلقي من الجنّ والنسناس ، فلمّا رأوا ما يعملون فيها من المعاصي وسفك الدماء والفساد في الأرض بغير الحقّ عظم ذلك عليهم ؛ وغضبوا لله وأسفوا على أهل الأرض ولم يملكوا غضبهم أن قالوا : يا ربّ أنت العزيز القادر الجبّار القاهر العظيم الشأن ، وهذا خلقك الضعيف الذليل في أرضك يتقلّبون في قبضتك ويعيشون برزقك ويستمتعون بعافيتك ، وهم يعصونك بمثل هذه الذنوب العظام ، لا تأسف ولا تغضب ولا تنتقم لنفسك لما تسمع منهم وترى ، وقد عظم ذلك علينا وأكبرناه فيك ، فلمّا سمع الله ذلك من الملائكة قال : (إِنِّي
__________________
(١) البرهان ١ : ١٦٦ ـ ١٦٧ / ٦ ؛ العيّاشي ١ : ٤٩ / ٧ ؛ البحار ٩٦ : ٢٠٥ ـ ٢٠٦ / ١٩.