.................................................................................................
______________________________________________________
الجزافية فهي ممتنعة عقلا ، لان الارادة المتعلقة بالفعل الخالي عن المصلحة والغرض حيث انها بنفسها موجود من الموجودات فهي مما تحتاج الى علة ، فان كانت العلة المرجحة لتحققها وتعلقها بهذا الفعل الخالي عن كل شيء دون غيره هو ارادة اخرى يلزم التسلسل ، وان كان تحققها من غير علة يلزم كون هذه الارادة المتعلقة بالفعل الخالي عن كل شيء من المعلول بلا علة ، وهو من الترجيح بلا مرجح المسلم بطلانه عند الكل. فالمانع بالنسبة الى نفس صدور الفعل الخالي عن كل شيء هو القبيح ، والمانع بالنسبة الى نفس الارادة الجزافية هو الامتناع.
ولا يخفى ان الكلام في هذه المسألة خارج عن مقامنا ، لان المفروض في مقامنا ان هناك شيئين في كل واحد منهما مصلحة وغرض ، غايته ان المصلحة والغرض في احدهما اقوى من الآخر. فالكلام في تلك المسألة في الترجيح بلا مرجح. والكلام في هذه المسألة هي في ترجيح من فيه رجحان على ما هو ارجح منه ، وهو يرجع الى ترجيح المرجوح على الراجح. ولما كان تقديم المرجوح على الراجح لدواع غير عقلائية لا امتناع فيه ، بل كثيرا ما يصدر من غير الحكيم ، لذلك كان ترجيح المرجوح على الراجح لا يصدر منه تعالى لانه قبيح ، حيث انه لا بد وان يكون لداع غير عقلائي ، لا لان ارادته من المعلول بلا علة.
فظهر مما ذكرنا : ان مورد الامتناع العقلي هو الارادة الجزافية المتعلقة بالفعل الخالي عن الغرض والمصلحة ، وهو من الترجيح بلا مرجح ، وبالنسبة الى نفس الفعل هو من الترجيح بلا مرجح ، ومقامنا مورد القبح العقلي هو الفعل بلا داع عقلائي ، وهو مما لا يصدر من الحكيم ، ولا امتناع فيه بالذات لانه من ترجيح المرجوح على الراجح من غير داع عقلائي ، وليس فيه امتناع بالذات ، وإلّا لما صدر من غيره.
فتبين ان الاضراب في كلام هذا القائل قد صدر من الخلط بين المقامين ، ولا وجه له في مقامنا لان مقامنا من ترجيح المرجوح على الراجح من غير داع عقلائي.