وأما لو كان المقتضي للحجية في كل واحد من المتعارضين لكان التعارض بينهما من تزاحم الواجبين ، فيما إذا كانا مؤديين إلى وجوب الضدين أو لزوم المتناقضين (١) ، لا فيما إذا كان مؤدى أحدهما حكما غير
______________________________________________________
بناؤهم ايضا». واما الآيات والاخبار فأشار الى ان الظاهر منها ايضا هو كون الحجة خصوص ما لم يعلم كذبه بقوله : «وظهوره فيه» أي وظهور دليل الاعتبار في حجية خصوص ما لم يعلم كذبه «لو كان هو الآيات والاخبار ضرورة ظهورها فيه» كما عرفت من ان الظاهر ـ من صدق العادل المستفاد من آية النبأ ، والاخبار الواردة في ذلك كقوله عليهالسلام : فلان مأمون او ثقة ـ هو حجية خصوص ما لم يعلم كذبه. واشار الى ان المستفاد من الآيات والاخبار اكثر من ذلك بقوله : «لو لم نقل بظهورها في خصوص ما اذا حصل الظن منه» أي من السند «او» حصل منه «الاطمئنان».
ولا يخفى ان كون بناء العقلاء دليلا على الحجية لازمه كون مبنى الحجية هو الطريقية دون السببية ، لان بناء العقلاء على الحجية في الامارات من حيث الجهات الثلاث كلها ـ جهة الدلالة وجهة الصدور وجهة السند ـ انما هو لان الاصل عندهم في الظهور الدلالي مطابقته للواقع ، ولان الاصل في الصدور ان يكون لبيان الواقع ، ولان الاصل في المخبر الثقة ان يكون صادقا يطابق اخباره الواقع ، ففي جميع هذه الاصول الثلاثة العقلائية هناك واقع عند العقلاء ، يكون مؤدى الخبر مطابقا له من حيث الدلالة ومن حيث الصدور ومن حيث المخبر ، وليس للسببية عند العقلاء عين ولا اثر. نعم السببية يمكن ان تدعى بالنسبة الى الادلة اللفظية الدالة على الاعتبار بالنسبة الى جهة السند كما سيأتي بيان ذلك.
(١) هذا هو الوجه الثاني من وجوه التعريض ، والرد على ما ذهب اليه الشيخ : من انه بناء على السببية فالوجه هو التخيير مطلقا وان علم بكذب احدهما.