.................................................................................................
______________________________________________________
وتوضيحه : ان مدرك القول بالسببية ان كان للتخلص عن اشكال تفويت المصالح الواقعية ، فلازم ذلك هو القول بالسببية في خصوص الخبر المخالف للواقع ، واما الخبر الموافق للواقع فلا سببية فيه ، وهذا قول بالطريقية والسببية معا ، لان الخبر ان كان موافقا للواقع فقد ادرك فيه مصلحة الواقع ، وان كان مخالفا للواقع فقد كان به المصلحة التي بها يتدارك ما يفوت من مصلحة الواقع ، وعلى هذا فالمقتضي للحجية وان كان موجودا في كل واحد من الخبرين ، إلّا ان لازم هذا القول كون دليل الاعتبار جامعا للطريقية والسببية ، وهو جمع بين الآلية والاستقلالية بنظر واحد وهو محال.
إلّا ان يقال : انه ليس في دليل الاعتبار جمع بين اللحاظين ، بل دليل الاعتبار يتضمن لزوم اتباع ما اخبر به العادل ، غايته ان العلة لاعتباره مختلفة : تارة تكون مصلحة الواقع ، واخرى المصلحة التي يتدارك بها ما يفوت من مصلحة الواقع.
ولكنه يرد عليه ما يأتي في المبنى الثاني للسببية من ان التخيير ليس مطلقا.
الثاني : ان مبنى القول بالسببية ليس التخلص عن اشكال التفويت ، بل مبناها هو ان الظاهر من كل عنوان رتب عليه حكم ان الحكم قد رتب عليه بذاته ، لا لانه معرف لغيره وطريق اليه ، فظاهر اعتبار ما اخبر به العادل هو لزوم الاخذ به لانه خبر عادل ، لا لانه طريق الى غيره ، غايته حيث ان الجعل لا بد وان يكون لمصلحة فيكون ما اخبر به ذا مصلحة على كل حال ، وعلى هذا فالمقتضي للحجية في كل واحد من الخبرين موجود ، ولا يكون العلم بالكذب مانعا لفرض كون المصلحة متحققة في نفس مؤدى الخبر ، وهي العلة للجعل والاعتبار ، وليس العلة للجعل والاعتبار مصلحة الواقع حتى يكون العلم بعدم مطابقة مؤدى الخبر للواقع مانعا عن الحجية ، بل ليس هناك داع للجعل الا المصلحة القائمة بنفس مؤدى الخبر ، وهي متحققة في كل واحد من الخبرين.