.................................................................................................
______________________________________________________
احدهما يمتنع عقلا جعل الحجيّة لكلّ واحد من السندين بناء على الطريقية لا الموضوعية ، فيقع التعارض بين السندين لامتناع حجية كل واحد منهما ـ بناء على الطريقية ـ مع العلم بكذب احدهما ، ويمتنع عقلا ايضا حجية كل واحد منهما مع العلم الاجمالي بعدم صدورهما معا لبيان الواقع.
وتوضيح الثاني : انه قد عرفت ان تعارض السندين معا في الدليلين المتعارضين هو في الصورة الثالثة والرابعة من الصور الست المتقدمة. وحيث فرض في الصورة الثالثة قطعية الدلالة فيهما معا فلا اجمال في الدلالة ، وتنحصر المعارضة بينهما في السندين. واما الصورة الرابعة فالدلالة فيهما وان كانت ظنية كما هو المفروض فيها ، إلّا انه بعد تعارضهما دلالة لا بناء من العقلاء على حجية الظهور فيهما معا ، ويكون حالهما حال المجمل من حيث الظهور ، فلا معنى لجعل الحجية الفعلية لكل واحد من السندين مع تعارضهما في الدلالة ، فان جعل الحجية الفعلية لكليهما لغو من الحكيم مع فرض تعارضهما دلالة الموجب لاجمال الظهور فيهما ، كما لو كان الدليل مجملا من حيث الدلالة فانه مع اجماله في الدلالة يكون جعل الحجية الفعلية لسنده لغوا من الحكيم لعدم الفائدة في هذا الجعل ، فاذا كانت الادلة متعارضة في الدلالة فجعل الحجية الفعلية لسند كل واحد منها ايضا لا فائدة فيه لاجمال ظهورها فهو لغو لا يصدر من الحكيم ، فلا بد وان يكون الحجة الفعلية هو احد الادلة المتعارضة ، ولذلك يقع التعارض في السند ايضا في الادلة المتعارضة في الدلالة.
والمتحصل من جميع ما ذكرنا : ان الموجب للتعارض : اما العلم الاجمالي بعدم صدورهما معا لبيان الواقع ، او لزوم اللغوية في جعل الحجية الفعلية لكل واحد من المتعارضين ، وهذا هو الثاني الذي اشار اليه بقوله (قدسسره) : «او لاجل انه لا معنى للتعبد بصدورها» أي لا معنى للتعبد بصدور الادلة المتعارضة في الدلالة «مع اجمالها» لما عرفت من انه بعد تعارضها في الدلالة لا بناء من العقلاء على الاخذ بظهورها جميعا فتكون مجملة من حيث اصالة الظهور ، وحيث عرفت ايضا