وهذه الاخبار على اختلاف مضامينها وتعدد أسانيدها ، لا يبعد دعوى القطع بصدور بعضها ، فيكون دليلا قاطعا على جواز التقليد ، وإن لم يكن كل واحد منها بحجة (١) ، فيكون مخصصا لما دل على عدم
______________________________________________________
الفتوى ، وهذا بخلاف عنوان المحبة لاظهار مطلق الحق فانه لا يستلزم ان هناك من يسأل عن الحق.
فظهر مما ذكرنا : ان عنوان الافتاء هو اخص من عنوان اظهار الحق ، فان الفتوى وان كانت من جملة الحق إلّا ان الافتاء حيث كان مستلزما للاستفتاء فلذلك يدل بالملازمة العرفية على جواز قبول الفتوى الذي هو معنى التقليد. والى ما ذكرنا اشار بقوله : «ان الملازمة العرفية بين جواز الافتاء وجواز اتباعه واضحة». واشار الى أن وجوب اظهار الحق لا يستلزم ان هناك من يطلب الحق ـ بل يجب اظهار الحق وان لم يكن هناك من يسأل عن الحق ، فلا يدل وجوب اظهار الحق على لزوم قبوله تعبدا ، بل يمكن ان يقال انه يكفي في الدلالة عنوان حب الافتاء لانه : أولا يمكن ان يكون هناك من يستفتي وامكان ذلك كاف للدلالة على الملازمة المدعاة في المقام.
وثانيا : ان حب قول الحق يلازمه حب قبول الحق ولا سيما من المعصوم ، ومن البين ان قول المجتهد الجامع للشرائط هو قول الحق. ومما ذكرنا ظهر : ان الخبر اذا لم يدل الا على قول الحق فهو يدل على جواز التقليد فتامل ـ بقوله : «وهذا غير وجوب اظهار الحق والواقع ... الى آخر الجملة».
(١) حاصله : ان الاخبار التي تقدمت الاشارة اليها ـ الدالة على جواز التقليد بالمطابقة او بالملازمة ـ وان لم يكن كل نوع منها مقطوع الصدور ، إلّا انها متواترة اجمالا بمعنى القطع بصدور بعضها على نحو الاجمال وان كان بعضها ضعيفا غير واجد لشرائط الحجية ، وحيث ان ظهورها في جواز التقليد مما لا ريب فيه ، فيكون ذلك دليلا قاطعا على التقليد للقطع بالصدور والقطع بحجية الظهور ، وليس مراده من قوله دليلا قاطعا كونها مقطوعة السند مقطوعة الدلالة.