.................................................................................................
______________________________________________________
الوجه الاول : ان الروايات الدالّة على الترجيح تدلّ على تعبّد واحد وهو الاخذ بالخبر الراجح لاجل احدى المزايا التي ذكرت في الروايات ، ولا دلالة لها على تعبدات متعدّدة : من حيث نفس الصدور ، ومن حيث المضمون ، ومن حيث جهة الصدور. وسيأتي في الوجه الثاني البرهان على رجوع التعبدات من غير نفس الصدور ، الى نفس الصدور فلازم ذلك ان ذلك التعبّد الواحد هو التعبّد بسند الخبر ونفس صدوره.
الوجه الثاني : انه لو لم يرجع الى ذلك للزم التناقض ، لانه لو لم يرجع الى ذلك بان كان الترجيح فيه لجهة الصدور مع الغض عن نفس الصدور ، فمعنى ذلك انه مع التعبد بنفس الصدور في الخبرين مع ذلك يترجح الخبر المخالف للتعبد بجهة صدوره مع التعبد بنفس صدور الخبر الآخر الموافق ، وقد عرفت ان معنى التعبد بنفس الصدور هو التعبد بحكم الخبر الصادر ، وحيث فرض كونهما من حيث نفس الصدور متساويين فلا بد وان يكون قد جعل التعبد بصدور الخبر الموافق ، ومع التعبد بصدوره قد رجح عليه الخبر المخالف ، فالخبر الموافق قد جعل التعبد بحكمه للتعبد بنفس صدوره ، وقد رفع ذلك التعبد بالحكم للامر بالتعبد بحكم الخبر المخالف لاجل جهة الصدور ، فالخبر الموافق قد جعل التعبد بالحكم به ورفع التعبد به ، وهذا تناقض واضح.
بخلاف ما اذا رجع الترجيح من غير نفس الصدور الى ترجيح نفس الصدور ، فانه لا يكون هناك الا تعبد واحد وهو التعبد بحكم الخبر الصادر. غايته انه تارة : يكون للرجحان فيما يعود الى نفس الصدور كالشهرة الروائية أو الاعدلية. واخرى : يكون للرجحان من حيث جهة الصدور كالمخالفة للعامة. وثالثة : يكون الرجحان لما يرجع الى قرب مضمونه الى الواقع كموافقة الكتاب او الشهرة الفتوائية. وانما كان هذا التعبد الواحد هو التعبد بنفس الصدور دون غيره من الجهتين لما عرفت : من انه لا معنى للتعبد بالصدور الا الاخذ بحكم الخبر الصادر.