وتوهم أن المتحير كان محكوما بالتخيير ، ولا تحير له بعد الاختيار ، فلا يكون الاطلاق ولا الاستصحاب مقتضيا للاستمرار ، لاختلاف الموضوع فيهما ، فاسد ، فإن التحير بمعنى تعارض الخبرين باق على حاله ، وبمعنى آخر لم يقع في خطاب موضوعا للتخيير أصلا ، كما لا يخفى (١).
______________________________________________________
الاول : اطلاق قوله عليهالسلام موسع عليك باية عملت ، فانه قد دلّ على التوسعة بان له ان يعمل على أيّ الخبرين شاء مطلقا ، سواء كان ما عمل باحدهما او كان قد عمل باحدهما. وحيث انه يمكن ان يناقش في الاطلاق بان مورده من لم يعمل ، فان سؤال السائل فيها قد كان لاجل ان يعرف كيف يعمل عند التعارض ، فمورد الروايات هو من لم يعمل ، وعليه فيكون القدر المتيقن من البيان فيها هو البيان لمن لم يعمل ، فلا يكون لها اطلاق يشمل من عمل. ولذا جعل المصنف الدليل على التخيير الاستمراري أولا هو الاستصحاب ، وذكر الاطلاق بنحو لو لم نقل.
الثاني : الاستصحاب فان التخيير بعد ان ثبت بالروايات لمن لم يعمل فبعد العمل يشك في بقائه فيستصحب بقاؤه ، وقد اشار الى الاستصحاب بقوله : «قضية الاستصحاب» ، والى الاطلاق بقوله : «لو لم نقل الى آخر الجملة».
(١) حاصل هذا التوهّم : انه لا مجال لجريان الاستصحاب ، لانه لا بد في جريانه من اتحاد الموضوع في القضية المتيقنة والمشكوكة ، وحيث ان الموضوع للتخيير هو المتحيّر في عمله ، ولا تحيّر له بعد العمل والاخذ باحدهما ، فلا بقاء للموضوع.
والحاصل : ان المتحيّر من لم يختر احدهما ، اما بعد اختياره احدهما فلا يكون متحيّرا ، وبعد عدم بقاء الموضوع وهو عنوان المتحيّر لا وجه لجريان الاستصحاب.
ومنه يظهر انه لا مجال للتمسك بالاطلاق ايضا ، لان الموضوع لادلّة التخيير اذا كان هو المتحيّر فلا وجه للتمسك باطلاقها ايضا بعد رفع التحير وارتفاع عنوان المتحيّر ، لما عرفت من انه بعد اختيار أحد الخبرين والعمل عليه لا يكون هناك تحيّر