في الثاني يحتاج إلى ملاحظة أمر آخر كانتسابه إلى الجاعل أو ترتّب أثر عليه من غير دخول ذلك الأمر في مصداق الحكم ومطابق الحمل.
وفيه : أنّ ثبوت شيء لشيء ـ سواء كان من الانتزاعيات أو الخارجيات ـ فرع ثبوت المثبت له في ظرف ذلك الثبوت. فالقول بانتزاعية الوجود غير مفيد.
[السادس :] ما اختاره بعض آخر وهو أن لا ثبوت للوجود ولا اتّصاف للماهيّة به أصلا ـ لا عينا ولا ذهنا ـ بل هو مجرّد اعتبار الوهم الكاذب واختراعه ؛ ومناط صدق المشتقّ وحمله على شيء اتّحاده بمفهوم المشتقّ لا قيام مبدأ الاشتقاق به ؛ لأنّ مفهوم المشتقّ كالموجود والعالم / A ٢٥ / والأبيض أمر بسيط يعبّر عنه بالفارسية ب «هست» و «دانا» و «سفيد». فكون الشيء موجودا عبارة عن اتّحاده مع مفهوم الموجود لا قيام الوجود قياما حقيقيا أو انتزاعيا ؛ ولا يحتاج إلى وجود أصلا ولا عروض له للماهيّة بوجه.
فالواجب عند هذا القائل عين مفهوم الموجود لا عين الوجود ، وكذا الممكن الموجود وكذا في جميع الاتّصافات بالمفهومات ؛ ومعنى كون الوجود عارضا للممكن عنده أنّه محمول عليه خارج عن ماهيّته ليس بذاتي له ؛ والفرق بين الذاتي والعرضي من المشتقّ عنده ليس بكون ما هو مناط الحمل ـ أعني الاتّحاد في الوجود ـ في الذاتي (١) بالذات وفي العرضي بالعرض ؛ إذ لا وجود عنده ، بل بوقوع المفهوم الذاتي في جواب ما هو دون العرضي.
وهذا (٢) القول ممّا لا محصّل له عند المخلصين ، وظهور فساده بحيث لا يحتاج إلى بيان.
[السابع :] ما ذكره بعض آخر ونسبه (٣) إلى ذوق المتألّهين وهو أنّ موجودية الأشياء الممكنة عبارة عن انتسابها إلى الوجود الواجب الحقّ ، وهو موجود بنفسه
__________________
(١). س : الذات.
(٢). س : هذ.
(٣). س : نسبة.