أيضا فصل حقيقي هو وجود أمر متشخّص بذاته قام بنفسه من دون حاجة إلى وجود أمر متّحد مع الوجود النوعي نحو اتّحاد أتمّ وأقوى من الجميع يعبّر عنه بالمشخّص والوجود الخاصّ الشخصي ؛ وتحقّق ساير الوجودات النوعية والفصلية والجنسية به ؛ ولولاه لم يمكن تحقّقها ؛ فهي متحقّقة إلّا أنّ تحقّقها بتحقّقه ؛ والأعراض التي تسمّى بالعوارض المشخّصة هي أمارات هذا الوجود ولوازمه.
وبالجملة : المتحقّق بنفسه هذا الوجود الخاصّ المتشخّص بذاته ؛ وما عداه من الماهيّات والفصول الحقيقية إمّا وجودات ضعيفة مندمجة فيه متّحدة معه في التحقّق والوجود أو جهات واقعية له متّحدة معه فيهما. فالأجناس والأنواع والفصول الحقيقة هي تلك الوجودات الضعيفة المندمجة في الوجود الشخصي المتحقّق بذاته المتحقّقة بتحقّقه أو الجهات الواقعية ، كما أنّ ما يسمّى بالعوارض المشخّصة ليست مشخّصة في الحقيقة ، بل أمارات الوجود الشخصي المتشخّص بذاته المشخّص للماهيّة النوعية والمحصّل لها ؛ لأنّ تلك العوارض وإن كانت كلّية لم تفد تشخّصا وإن كانت جزئية فتشخّصها إنّما يكون بالموضوع لكونها أعراضا متقوّمة في الوجود والتشخّص بالموضوع والمعروض إن تشخّص الموضوع بها فيلزم الدور ؛ وما قيل : «إنّ هذا دور معية» لا محصّل له.
وممّا ذكر يظهر أنّ الموجود من كلّ ماهيّة نوعية كالإنسان مثلا ليس إلّا الفرد وهو ليس إلّا وجود خاصّ يندرج فيه وجود أضعف أو جهة واقعية تنتزع عنه النسبة الإنسانية المتخيّلة إلى الجسمية والنموّ والحسّ والتعقّل. فحقيقة الشخص الإنساني وجود خاصّ متشخّص بذاته مندرج فيه وجود آخر أضعف أو يتضمّن جهة واقعية تنتزع عنه الامور المذكورة.
ثمّ هذا الوجود الأضعف أو الجهة منحلّ إلى وجودين أو جهتين ينتزع عنهما الجنس والفصل.