لا يتصوّر للعارض تحقّق سوى التحقّق الذهني. فإنّ النوعية التي عروضها للإنسان عروض ذهني فقط لا تحقّق لها في الخارج أصلا وإنّما تحقّقها في الذهن فقط ؛ وأمّا الإنسان فله تحقّق في الخارج وإن كان تبعيا ؛ وذلك لا يتصوّر بالنسبة إلى الجنس والفصل أو النوع والمشخّص ، لما علمت من أنّ تحقّق الجنس والنوع في الخارج بتبعية الفصل والمشخّص ، فكيف يحكم العقل بعروض الأخيرين للأوّلين ، بل يحكم بالعكس؟!
قلنا : لا ريب في أنّ الماهيّة الحيوانية أو الإنسانية من حيث هي مع قطع النظر عن صيرورتها جنسا أو نوعا معدومة صرفة لكنّ صيرورتها / A ١٣ / جنسا أو نوعا لا يتحقّق إلّا بموجوديتها بوجود ضعيف ؛ بمعنى أن يتّحد به كما هو شأن كلّ ماهيّة مع الوجود. فالجنس أو النوع ماهيّة مع وجود ضعيف مع قطع النظر عن وجود الفصل والمشخّص إلّا أنّها بضعف وجودها لا يمكن تحصّلها التامّ بنفسها ما لم ينضمّ إليه المشخّص حتّى يحصل لها وجود أقوى ويتحصّل لأجله في الخارج تحصّلا تامّا. فالجنس والنوع في الوجود الأقوى والتحصّل الأتمّ يتوقّفان على الوجود الشخصي ؛ ومن حيث الوجود الضعيف وتحصّل ما لا يتوقّفان عليه ؛ فبهذا الوجود الضعيف معروضان للفصل والمشخّص ؛ لأنّ حصولهما فرع الجنس والنوع ؛ فتوقّف الجنس والنوع على الفصل والمشخّص من حيث التمامية والكمال والعكس من حيث الإفاضة والصدور ؛ وعلى هذا فماهيّة الحيوان والإنسان مع قطع النظر عن كلّ وجود منتزعة من الوجود الخاصّ المتشخّص ومتّحدة معه إلّا أنّها من حيث اعتبارها جنسا أو نوعا يعتبر فيها وجود ضعيف يختصّ بها ويتّحد معه ؛ وحينئذ لا يحكم بالانتزاع ، فتأمّل.
وبما ذكر يظهر أنّ ما ذكر في التعاليم من «أنّ الناطق مثلا فصل مقسّم للجنس ومحصّل له نوعا» كلام ظاهري لا يمكن حمله على حقيقته ؛ إذ له مفهوم هو «شيء