المسلوبية عن أنفسها فأيّ فرق بينها وبين الممتنعات المحضة حتّى تخصّص الأولى بالموجودية وقابليتها والتمثّل في علم الأوّل تعالى متميّزة؟ فإن كان هذا التخصّص من ذواتها لزم أن يثبت لها كونها هي وساير الأحكام مع قطع النظر عن الوجودين وإلّا كان الجميع من الجاعل ؛ فتكون مجعولة بالجعل المركّب ويلزم صيرورة صرف العدم ماهيّة خاصّة متميّزة ؛ ولا يخفى فساده.
قلنا : على ثبوت العلم الصوري للواجب لا ينفكّ شيء من الماهيّات الممكنة والممتنعات المحضة عن الوجود العلمي ؛ وبذلك يتصحّح الامتياز بينهما والحكم بقابلية الأولى للوجود العيني دون الثانية ؛ ولا تختصّ المعلومية بالأولى حتّى يسأل عن المخصّص مع اشتراكهما في صرافة العدم قبلها.
فإن قيل : صورهما العلمية في مرتبة الذات معدومة ؛ فكيف يتعلّق العلم بها مع عدميتها المحضة؟!
قلنا : هي مانعة للذات من دون انفكاك إلّا ما يوجبه التابعية من التأخّر الذاتي.
فالذات بذاته يقتضي تمثّلها لديه وترتّبها عليه ؛ والاقتضاء الذاتي لا يعلّل بعلّة كما أنّ الأولى تابعة له في الشهود العيني أيضا على الترتّب العلّي والمعلولي باقتضاء الذات بخلاف الثانية ؛ ولا يسأل عن علّة الاقتضاء ؛ إذ الذاتي لا يعلّل.
وأمّا على القول بالحضوري دون الحصولي فما يتبع الذات في الشهود الخارجي تبعية الشبح لذي الشبح والظلّ لذي الظلّ ـ أعني الماهيّات الممكنة ـ يصير متعلّق الانكشاف بخلاف ما لا يتبعه من الممتنعات ؛ إذ ما لا وجود له في الخارج لا معنى لتعلّق الانكشاف به. نعم يتعلّق بصورها المرتسمة في المدارك.
والحاصل : أنّ صرف الوجود الحقّ الواجب بذاته القيّوم لغيره يقتضي بذاته أن يكون حقيقته الحقّة كما هو وأن تكون له صفات ولوازم ؛ ولا يسأل عن علّة هذا الاقتضاء ولمّية كون هذه الصفة وامتيازها عن صفة أخرى ، لرجوع