[الثاني :] أنّ الوجود زائد على الماهيّة ؛ فهي بذاتها لا يمكن أن يكون مصداقا لحمل الموجود عليها وإلّا لم يكن فرق بينه وبين الذاتيات ؛ وإذا كان المجعول بالذات نفس الماهيّة يلزم أن يكون مصداقا للحمل المذكور ؛ وهو خلف.
وجوابه : أنّ الماهيّة قبل المجعولية ليست مصداقا لحمل مطلقا وبعد صدورها تصدق عليها الذاتيات بملاحظة حيثية. فصدقها عليها بمجرّد التوقيت ـ أي في وقت كونها مجعولة ـ ويصدق الوجود عليها بملاحظة صدورها عن العلّة ؛ وهذه الملاحظة خارجة عن نفسها لكنّ الصدق المذكور يتوقّف عليها.
فالفرق بين الذاتيات والوجود عدم توقّف حملها على ملاحظة حيثية وتوقّف حمله على ملاحظة حيثية خارجة عن نفس الماهيّة ؛ فإنّ الإنسان حال صدوره يصدق عليه أنّه ناطق ولا يتوقّف هذا الصدق على تقيّده بالصدور عن علّته وأمّا صدق الموجود عليه فيتوقّف على تقيّده به ؛ إذ ماهيّة الإنسان مع قطع النظر عن حيثية الصدور والارتباط لا يصدق عليها الوجود ولو في حال صدورها.
وعلى هذا فما ذكر في الاحتجاج من «أنّ المجعول بالذات لو كان نفس الماهيّة يلزم / A ٣٧ / أن يكون مصداقا لحمل الوجود عليها ؛ فلا يحصل الفرق بين الذاتيات والوجود مع كونه زائدا على الماهيّة» ممنوع ؛ فذلك لا ينتهض حجّة لنفي مجعولية الماهيّة ولا لنفي مجعولية الوجود الخاصّ لو اجري فيه ؛ إذ كما عرفت أنّ المصداق لحمل الذاتيات هو الماهيّة أو الوجود الخاصّ بدون حيثية الارتباط ولحمل الموجود هو أحدهما في حال الارتباط معها إلّا أنّك قد عرفت أنّ ارتباط الماهيّة من حيث هي بالعلّة غير معقول.
فلا يمكن تعلّق الجعل بها بالذات ، بل المجعول بالذات هو الوجود الخاصّ والماهيّة مجعولة بالعرض وبعد مجعوليتها بالعرض تصير مرتبطة بالعلّة أيضا بالعرض وتصير مصداقا لحمل الذاتيات بلا ملاحظة حيثية الارتباط ولحمل