الوجه الرابع : أنّ تلك المعاني القديمة لم تكن بأن توجب له هذه (١) الصفات أولى من أن يوجب تعالى لها ذلك ، لأنه قد اشترك هو وتلك المعاني القديمة في الوجود فيما لم يزل ، فلا اختصاص للبعض بالإيجاب دون البعض ، وذلك محال.
فأما مقالة الأشعرية في إثبات هذه المعاني السبعة (٢) وأنّها قديمة ، وأن الذات هي الثامنة ، فإنها زائدة على مذهب النصارى الذين قالوا : (ثالِثُ ثَلاثَةٍ) [المائدة : ٧٣] زيادة بيّنة ؛ لأنّ الثمانية أكثر من الثلاثة.
وقولهم : لا هي الله ، ولا هي غيره ، ولا هي بعضه ، فمن المحالات الظاهرة (٣) ؛ لأنّ المعلوم عند كل منصف أنها إذا لم تكن هي الله فقد صارت غيره ، وإذا لم تكن هي غيره فهي هو. فأما البعض فهو غير جائز عليه سبحانه بلا خلاف بيننا وبينهم ، فبطل بذلك قول الصفاتية ، وثبت أنه تعالى لا يستحق هذه الصفات لمعان قديمة.
ولا تجوز له لمعان محدثة ؛ لأنه كان يجب أن يحتاج في حدوثها إلى محدث قادر عالم حيّ ، وذلك لا يجوز.
وإنما قلنا : بأنّه كان يجب أنه يحتاج في حدوثها إلى محدث قادر عالم حي. أمّا أنها تحتاج إلى محدث قادر فلما بينا فيما تقدم أنّ كل محدث يحتاج إلى محدث قادر.
وأمّا أنه يجب أن يكون حيّا فلما بيّنا أنّ كلّ قادر فهو حيّ ، وأمّا أنه يجب
__________________
(١) هذه : ساقطة من (ب) ، (ج).
(٢) المعاني السبعة هي قولهم : حي بحياة ، وقادر بقدرة ، وعالم بعلم ، وسميع بسمع ، وبصير ببصر ، ومريد بإرادة ، ومتكلم بكلام.
(٣) الظاهرة : محذوفة في (ب) ، (ج).