فصل :
نعتقد أن الله عدل حكيم.
والكلام في ذلك يقع في ستّة فصول :
أحدها : في معنى العدل. والثاني : في تعيين الأفعال وقسمتها وحصرها. والثالث : أنّ في الأفعال ما لو فعله الله تعالى لكان قبيحا. والرابع : أنّه تعالى قادر على فعل القبيح. والخامس : أنّه تعالى لا يفعل القبيح ، ولا يخلّ بالواجب ، وأفعاله كلها حسنة. والسادس : فيما يلائم ذلك من الأدلة الشرعية.
أما الفصل الأول : وهو في معنى العدل
فهو في أصل اللغة : مصدر من عدل يعدل عدلا ، وهو إنصاف الغير بفعل ما يجب له أو يستحقّ ، وترك ما لا يستحقّ عليه ، مع القدرة على ذلك.
وهو في عرف اللغة : المكثر من فعل العدل ، يقال : فلان عدل إذا أكثر من فعل العدل ، قال زهير :
متى يشتجر قوم يقل سرواتهم |
|
هم بيننا فهم رضى وهم عدل (١) |
وهو في عرف الشّرعيين : المستمرّ على فعل الواجبات ، والكافّ عن المقبّحات والمباحات المسخّفات (٢) ، صحيح الاعتقاد ، والمراد بذلك كلّه في ظاهر الحال ؛ لأنا لم نتعبّد بباطنه. واشترطنا صحة الاعتقاد في الظاهر ؛ لأنّ
__________________
(١) ديوانه ص ٤٠. والمعنى : إذا اختلف قوم في أمر رضوا بحكم هؤلاء لما عرف من عدلهم.
(٢) في (ب) و (ج) : المستخفّات ، وما في الأصل أظهر.