فصل : في القضاء والقدر
والكلام فيه يقع في خمسة مواضع : الأول : في حكاية المذهب ، وذكر الخلاف. والثاني : في الدليل على صحة ما ذهبنا إليه ، وفساد ما ذهب إليه المخالفون. والثالث : في إيراد طرف مما يلائم مذهبنا من أدلة الشرع ، وما يحكى في ذلك عن الصحابة ، وعن أهل البيت المطهرين رضوان الله عليهم أجمعين. والرابع : في إيراد طرف مما يحتجّ به المخالفون من متشابه الآيات ، وبيان ما يجوز فيها من المعاني الصحيحة. والخامس : في تعيين القدرية وبيان طرف مما جاء في ذمّهم عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وعن صحابته الأبرار (رض).
أما الموضع الأول : وهو في حكاية المذهب وذكر الخلاف
فاعلم أنّ الجبرية تطلق القول بأنّ تصرف العباد بقضاء الله تعالى وقدره. وعندنا أنه لا يجوز إطلاق القول بذلك من غير تقييد في النفي ولا في الإثبات ممّن لم تثبت حكمته ، أو تظهر عصمته. وإنما يجوز القول بأنها بقضاء الله وقدره ، وأنّها ليست بقضاء الله تعالى وقدره مع التقييد بما يزيل الإشكال ، ويرفع الإيهام ، وهذه عقيدتنا أهل البيت.
وأما الموضع الثاني :
وهو في الدلالة على صحة ما ذهبنا إليه وفساد ما ذهب إليه المخالفون
فالذي يدل على ذلك أن القضاء والقدر لفظتان مشتركتان بين معان : بعضها صحيح في هذه المسألة وبعضها فاسد. وكلّ لفظة هذه حالها فإنّه لا يجوز إطلاقها في النفي ولا في الاثبات من غير تقييد بما يزيل الإشكال ، ويرفع الإيهام ممن لم تثبت حكمته. وإنما قلنا : بأن لفظة القضاء ، ولفظة القدر مشتركتان بين معان بعضها صحيح في هذه المسألة ، وبعضها فاسد ؛ لما نبينه