سيثيبه ـ لانتقض الغرض بالتكليف. وقد ثبت أنه تعالى مريد لما كلّفنا فعله وكاره لما كلّفنا تركه.
فأمّا وجوب اشتراط كونه منعما بما ذكرناه فلأنه لو لم يكن منعما بما ذكرناه لم يستحق العبادة لما قدمناه في مسألة الوحدانية ، ولو لم يستحق العبادة لما صح أن يعلمنا وجوب شيء علينا ؛ لأنّ العلم تابع للمعلوم. فمتى لم يجب علينا له شيء لفقد الإنعام لم يصح الإعلام بأنه واجب ، فضلا عن أن يحسن ذلك. فصح أنه لا بد من اشتراط ما ذكرنا. ولا شك أن هذه الشروط بمجموعها حاصلة في تكليف الله تعالى لعباده ، فيجب أن يكون حسنا. وإذا ثبت ذلك فقد تعلّق المخالفون بآيات : منها قوله تعالى : (وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ) [الأعراف : ١٧٩]. والجواب : أنّ اللام في جهنّم لام العاقبة ؛ ومعنى ذلك أن الله تعالى خلقهم للجنة والثواب ؛ ولكن عاقبتهم المصير إلى جهنم لكفرهم وعصيانهم. ولام العاقبة معروفة في لغة العرب. قال شاعرهم :
لدوا للموت وابنوا للخراب |
|
فكلهم يصير إلى ذهاب (١) |
وإنما يولد للنفع ويبنى للمنفعة ، ولكن ذكر الخراب والموت ؛ لأن عاقبة الولد للموت وعاقبة البناء للخراب ، وقال آخر :
أموالنا لذوي الميراث نجمعها |
|
ودورنا لخراب الدهر نبنيها (٢) |
وقال غيره :
__________________
(١) للإمام علي بن أبي طالب عليهالسلام. ينظر هامش الدر المصون ٤ / ٦٤٧.
(٢) هذا البيت للإمام علي بن أبي طالب عليهالسلام [ديوانه ١٠٤] ، في قصيدة أولها :
النفس تبكي على الدنيا وقد علمت |
|
أن السلامة فيها ترك ما فيها |