القرآن كذلك (١) فقل في أهل البيت (ع) كذلك. قال الله تعالى : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً وَإِبْراهِيمَ وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ). [الحديد ٢٦] ، فلم يسقط (٢) فسق الفاسقين وجوب اتّباع الهداة الصادقين ، ولا إخراجهم من وراثة الكتاب ، فعل أهل الزيغ والارتياب. ونقول : بأن كثيرا مما ذكرناه من فضائلهم من وجوب موالاتهم ، ونصرتهم ، ومودتهم ونحو ذلك إنما يختص به منهم المؤمنون ، ويخرج منه المجرمون ، قال الله سبحانه : (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ) [الحجرات : ١٣] وقال : (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى) [النجم : ٣٩] وقال : (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ) الآية [المجادلة : ٢٢].
وأما الفصل الثالث :
وهو في ذكر طرف يسير من مناقب أتباعهم وشيعتهم
فقال الله تعالى حاكيا عن إبراهيم الخليل عليهالسلام : (فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [إبراهيم : ٣٦] ، فأقرّه الله تعالى ولم يعقبه بإنكار ، فثبت كون أتباعه منه. وسمع إبراهيم بن عبد الله صاحب باخمرا عليهالسلام (٣) بعض شيعته وقد ضرب رجلا من المسوّدة يقول : خذها وأنا
__________________
(١) في (ب) : لذلك ، وقد كانت في الأصل «لذلك» ثم زاد كافا.
(٢) في (ب) : فلم يسقط في.
(٣) هو إبراهيم بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب (ع) ، كان عالما فاضلا خطيبا مصقعا شاعرا مفلقا شجاعا ، بحيث لا يبالي دخل على الموت أو خرج إليه ، واجتمع معه من الزيدية والمعتزلة ، وأصحاب الحديث ما لم يجتمع مع أحد من أهل بيته ،