معارض لوجهين : أحدهما ـ قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «ليست شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي» (١) ، يريد المصرّين عليها حتى الموت. فإن صحّ خبرهم ، فالمراد به التائبون قبل الموت. الوجه الثاني أنه معارض لأدلة معلومة نحو ما تقدم وما أشبهه ؛ فيجب سقوطه أو تأويله على ما ذكرناه. وبعد فإن هذا الخبر أكثر ما يمكن أن يقال : إنه من أخبار الآحاد وهي لا يحتجّ بها في مسألتنا هذه ، فإنّ طريقها الاعتقاد ، وإنما يؤخذ بها في باب الأعمال ، وهذا ظاهر عند علماء الرجال.
الفصل الرابع عشر : الجنة والنار
وهما معلومتان من الدّين ضرورة. ولنذكر طرفا من نعيم أهل الجنة فيها ، وعذاب أهل النار فيها ، ولنقتصر على بعض ما جاء في ذلك في القرآن دون ما عداه.
أما الجنة فحياتهم كما قال تعالى : (فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ) [القارعة ٧]. وسعة الجنة وصفتها. قال تعالى : (عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) [الحديد : ٢١]. فأما طولها فلا يعلمه إلا الله (لا يَرَوْنَ فِيها شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً) [الإنسان : ١٣] ، ودورهم. قال تعالى : (وَمَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ) [التوبة : ٧٢] ، وقال : (حُورٌ مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ) [الرحمن : ٧٢] ، وقال
__________________
برقم ٩٣١٢. والقرآن الكريم حاسم في هذا الشأن. قال تعالى : (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً) ، [الفرقان : ٦٨]. وقال سبحانه : (وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ ناراً خالِداً فِيها وَلَهُ عَذابٌ مُهِينٌ) ، [النساء : ١٤]. وقال تعالى : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ* وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) ، [الزلزلة : ٧ ، ٨]. فلما ذا لم يقل : ومن يعص الله يشفع له النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم؟!.
(١) الشافي ٤ / ٤٥ ، عن الحسن البصري.