فإن قيل : فهل يجوز جميع ذلك لغير الإمام أو لا (١)؟ ، قلنا : أما النهي عن المنكرات فممّا لا يختصّ به (٢) أئمة المسلمين ، بل يجب ذلك على جميع المؤمنين ، وكافة المسلمين ، على الشرائط المتقدمة ، والمراتب المرتّبة ، وعلى ذلك إجماع المسلمين كافة.
وأما الأمر بالمعروف فلا يجوز الضرب بالسوط والسيف فيه على الإطلاق ، ولو تكاملت شرائطه إلا في زمان الإمام ، فأما الأمر بالمعروف باللسان فهو جائز لغير الإمام ومندوب إليه ، وهو واجب ـ متى تكاملت شرائطه ـ باللسان لعموم المسلمين على ما فصّلنا ذلك في : «الرسالة المفصحة بالبراهين الموضحة».
مسألة : ونعتقد وجوب الموالاة لأولياء الله
وهم المؤمنون ، ووجوب المعاداة لأعداء الله وهم المجرمون ، كفارا كانوا أو فاسقين ، وسواء كانوا من الأباعد أو من الأقربين ، وسأضرب لك مثالا (٣) يكشف عن الحال ، ثم أتبع ذلك بالاحتجاج والاستدلال بمشيئة ذي الجلال. فنقول وبالله التوفيق : إن ملكا من الملوك لو كان له عبدان فأنعم على كل واحد منهما بالعتق وفكّه من ربق الرق ، ثم علّمه الدين ، وهداه إلى الصراط المستبين حتى صار عارفا بفروع الدين وأصوله ، عالما بالإسلام مسموعه ومعقوله ، ثم زوّجه ابنته المؤمنة التقية الرضية المرضية الكاملة خلقا وخلقا ، ثم سلّم له القصور العالية وملّكه القناطير المقنطرة من الذهب والفضة واللآلي والجواهر ونحو ذلك ، من كل صنف قناطير كثيرة ، وأنعم عليه بصنوف الأموال كلها
__________________
(١) في (ب) بحذف «أولا».
(٢) في (ب) بحذف «به».
(٣) في (ب) : مثلا.