فِي السَّماءِ) ، أي يطلع في السماء من عظم المشقة ، أو بمعنى أنّه فعل ما وقع منهم الضلال عنده (١) نحو ما قدمناه في قوله : (فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ) [التوبة : ١٢٥] ؛ لأن ذلك هو الموافق لأدلة العقول ومحكم القرآن دون ما لا يصح فيه ومعنى قوله : (يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ) [فاطر : ٨] أي يهلك ويعاقب من يشاء ، وهم المستحقون للعقوبة ، ويثيب من يشاء وهم المستحقون الثواب (٢) ؛ لأن ما عدا ذلك لا يجوز ، على ما تقدم. وعلى نحو ذلك يحمل ما في القرآن من الضلال والهدى
[فصل : الطّبع نعوذ بالله منه]
وعلى نحو ذلك يحمل ما في القرآن الحكيم من الطّبع والختم والفتنة ونحو ذلك. ونحن نورد طرفا من الآيات التي فيها ذكر الطّبع والختم والفتنة وما أشبه ذلك ، ونبين معانيها لتحصل الفائدة بمعرفة تلك المعاني (٣).
__________________
(١) ينظر متشابه القرآن ١ / ٢٦٢ ـ ٢٦٥. وقال الإمام الهادي يحيى بن الحسين عليهالسلام في تفسير الآية : الشرح من الله هو التوفيق والتسديد والتبصير والتنبيه ، وأن معنى قوله جل جلاله : (وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ) [الأنعام : ١٢٥] هو بما يدارك عليه الأمر والدعاء ، أمر به عبده ورسوله ، ونزل عليه ، فكلما زاد الله في إقامة الحجة عليهم والدعاء لهم ، وإظهار الحق لديهم ازدادوا طغيانا وإثما وتماديا وعمى ، فخذلهم الله لذلك وأرداهم وأذلهم وأشقاهم ، فعادت صدورهم لما فيها من الشك والبلاء ، وما يخافون من ظهور الحق عليهم ، والهدى ضيقة حرجة ، كأنما تصعد في السماء ، وإنما مثل الله صفتها بالتصعيد في السماء ؛ لأن التصعيد أشد وأعظم البلاء. رسائل العدل ص ١٧٤.
(٢) في (ب) ، (ج) : للثواب.
(٣) ينظر البساط للإمام الناصر الأطروش ص ١٣٦.