مسألة في النبوءات والكلام فيها يقع في سبعة مواضع :
أحدها في معنى قولنا : رسول الله ونبيّ الله. وثانيها في حسن إرسال الله تعالى للرسل. وثالثها في بيان صفة المرسل. ورابعها هو الكلام في المعجز الدال على نبوة الأنبياء (ع). وخامسها هو الكلام في نبوة نبينا محمد المختار وغيره من الأنبياء (ع). وسادسها في ذكر نبذة من الأخبار الدالة على كون نبينا محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم أفضل الأنبياء (ع) وأكرمهم على الله تعالى. وسابعها في جواز نسخ الشرائع.
أما الموضع الأول وهو في معنى قولنا : رسول الله ، ونبيّ الله :
فالرسول : يفيد في أصل اللغة أن مرسلا أرسله إلى غيره (١) برسالة قد تحملها وقام بقبولها وأدائها. وفي عرف الشرع لا فرق بين قولنا : رسول الله وبين الرسول مطلقا. وهو المتحمل للرسالة عن الله بغير واسطة آدمي.
وقولنا : نبي الله بغير همز لفظة نبيّ يفيد الرّفعة لما شهد له اللغة في النّباوة التي يراد بها الرفعة. فإذا قلنا : نبيّ الله بغير همز أفاد كونه عظيم المنزلة عند الله تعالى لما تحمّل عن الله تعالى من الرسالة بغير واسطة آدمي. وإذا همزت لفظة نبيء كانت من الإنباء وهو الإخبار ، ولا يفيد الرفعة بنفسه ، بل لا بد من واسطة وهو أن يكون الله تعالى قد أخبره بمصالح أمته لا بواسطة آدمي ، ولا يخبره بذلك إلا على طريق إرساله إليهم فيستحق الرفعة لذلك ؛ فلهذا المعنى صار معنى الرسول والنبي في الشريعة واحدا. وقد أجراهما الله تعالى في كتابه مجرى واحدا فقال : (يا أَيُّهَا النَّبِيُ). وقال : (يا أَيُّهَا
__________________
(١) في (ب) : أنه مرسل ، والتغير واضح على اللفظة.