المسألة السادسة
ونعتقد أنّه تعالى سميع بصير. وفيها فصلان :
أحدهما في معنى السميع البصير : ومعناه أنه حيّ لا آفة به (١). والثاني في الدلالة على أنّه تعالى سميع بصير وإذا أردنا ذلك تكلمنا في مطلبين : أحدهما : في الدلالة على أنه تعالى حي وهذا قد مضى بيانه.
والمطلب الثاني : في الدلالة على أنه تعالى لا آفة به.
وبيانه أنّ معنى الآفات هاهنا : هو فساد تركيب الحواس ، بدليل أنه لا يجوز إثبات ذلك بأحد اللفظين ونفيه باللفظ الآخر ، فلا يجوز أن يقال : بفلان آفة ، وما فسدت له حاسّة ، وعلى العكس من ذلك؟
وقلنا : «هاهنا» احترازا من آفات الزرائع وسائر الجمادات ، والحواسّ بعض من أبعاض الحي ، وجزء من أجزائه. والأبعاض والأجزاء لا تجوز إلا على الأجسام ، وهو تعالى ليس بجسم لما بيّنّاه من حدوث الأجسام وقدمه تعالى.
وإذا ثبت أنّه تعالى حيّ لا آفة به فهو سميع بصير ، لأنّ أهل اللغة يصفون من هذه حاله بأنه سميع بصير ، وإن لم يكن عالما بالمسموعات والمبصرات ،
__________________
بل إنما تتعلق بجنسه. مثال ذلك : الخشبة التي وزنها مائة كيلو فحملها رجلان فهي في الظاهر مقدورة بين قادرين وليس كذلك ؛ لأن كل واحد حمل حصته فقط ، بدليل أن الواحد لم يكن قادرا عليها ، وإنما لم يتميز حصة كل واحد فقط. وقالوا سواء في ذلك القادر بقدرة أو القادر بغير قدرة وهو الله ؛ فلا يقدر عندهم على عين مقدور عبده ؛ لأنه من المستحيل وكأن صاحب الينابيع يرى صحة مقدور بين قادرين كمثال الخشبة. ينظر عدة الأكياس ١ / ٢٢٧.
(١) قال الإمام القاسم بن محمد عليهالسلام في الأساس ص ٤٠ : جمهور أئمتنا عليهمالسلام وهما بمعنى عالم. بعض أئمتنا عليهمالسلام وبعض شيعتهم والبصرية بمعنى حي لا آفة به.