جهة السنة ما روي عن جابر (١) أن رجلا قال : يا رسول الله! أيّ الإسلام أفضل؟ قال : «أن تهجر ما كره ربّك» (٢). وعن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال : «إنّ الله كره لكم العبث في الصلاة ، والرّفث في الصّيام ، والضّحك بين المقابر» (٣). فإذا كان الله تعالى يكره هذه الأفعال لم يجز أن ينسب إلى الله تعالى إرادة قتل الأنبياء ، وسائر الفواحش ، فبطل قول القدرية.
مسألة في التكليف
والكلام منها يقع في خمسة مواضع : أحدها في حدّ التكليف والمكلّف والمكلّف. والثاني في الدلالة على حسن التكليف على العموم. والثالث في الدلالة على حسن تكليف من المعلوم من حاله أنّه يرد النار. والرابع في إيراد طرف من شبههم التي يتعلقون بها في قبح تكليف من علم الله تعالى من حاله أنه يرد النار. والخامس في شروط حسن التكليف.
أما الموضع الأول ـ فالتكليف له معنيان : لغويّ واصطلاحي.
أما اللّغوي فهو البعث على ما يشقّ من فعل أو ترك ؛ لأنّ التكليف مأخوذ من الكلفة. وأما الاصطلاحىّ فهو في اصطلاح المتكلمين : إعلام الغير بوجوب بعض الأفعال عليه وقبح بعضها منه ، وأنّ الأولى به أن يفعل بعضها ، وأنّ الأولى به أن لا يفعل البعض ، مع مشقة تلحقه في ذلك ، أو في سببه ، أو ما
__________________
(١) في (ب) : جابر بن عبد الله.
(٢) البيهقي في السنن ١٠ / ٢٤٣. بلفظ : أيّ الهجرة أفضل. الحديث.
(٣) الجامع الكبير للسيوطي ٢ / ٢٨٤ رقم ٥٤١٦ بلفظ : «إن الله تعالى كره لكم ستّا : العبث في الصلاة ، والمن في الصدقة ، والرفث في الصيام ، والضحك عند القبور ، ودخول المساجد وأنتم جنب ، وإدخال العيون البيوت [النظر إلى الداخل] بغير إذن».