على ما تقدم بيانه. والنقائص لا تجوز عليه تعالى بإجماع المسلمين.
ومنها : قوله تعالى : (وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً* وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبالَ طُولاً* كُلُّ ذلِكَ كانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً) [الإسراء : ٣٦ ـ ٣٨]. ولن تكون مكروهة له تعالى إلّا وهو كاره لها. وقال تعالى : (وَلكِنْ كَرِهَ اللهُ انْبِعاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقاعِدِينَ) [التوبة : ٤٦] ، وإذا كان تعالى كارها للمعاصي لم يكن مريدا لها. ولا خلاف بين العدلية في أنّ إرادته تعالى محدّثة ، وكذلك كراهته ، بل هم مجمعون على أنّ إرادته محدثه ، وكذلك كراهته ، وأنّ الإرادة والكراهة فعل من أفعاله وإن اختلفوا (١) ؛ فمنهم من جعل الإرادة غير المراد ، والكراهة غير المكروه ، ومنهم من قال : إنّ إرادته لفعله هي مراده ، فمعنى وصفه لله تعالى بأنّه مريد أنّه فعل ما فعله وهو عالم به ، وغير ساه عنه ، ولا مغلوب عليه ، فلم يمتنع أن يكون مريدا لأفعاله كلّها على هذا المعنى ؛ فليس هذا مما يجب معرفة تفصيله على كلّ أحد ، فبطل بذلك قول المجبرة القدرية.
وأما الموضع الرابع : وهو في إيراد ما يتعلّق به المخالف وإبطاله
ويدخل في ذلك طرف مما يتعلّق به المخالف من الآيات المتشابهة. فاحتجّ المخالف لقوله بأن قال : لو وقع في ملك الله ما لا يريده لكان ضعيفا عاجزا. والجواب ـ أنّ ما ذكره المخالف لا يصحّ ؛ لأنّا نقول له : إنما يدلّ على عجزه وضعفه لو وقع على سبيل المغالبة. ولا شك أنّ الله تعالى قادر على منع العصاة من القبيح ؛ لكن لو منعهم بالقهر لبطل التكليف ؛ ولأن الله تعالى قد
__________________
(١) يظهر من الأمير الحسين (ع) ـ المؤلف ـ الميل إلى التوقف في معنى الإرادة كما هو المروي عن أخيه الإمام الحسن بن بدر الدين والإمام المنصور محمد بن المطهر (ع).