ذلك مما صرّح فيه بأنه لا يؤاخذ أحدا بجرم غيره ، وأنه لا يثيبه إلا بعمله ، وأنه يعاقبه على عمله ، إلى غير ذلك من الآيات.
وأما السنة : فكثير نحو ما روي عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال : «أتدرون من اللّاهون من أمّتي؟» قالوا : الله ورسوله أعلم. قال : «نعم أولاد المشركين لم يذنبوا فيعذّبوا ، ولم يعملوا حسنة فيثابوا ، فهم خدم أهل الجنة» (١). ونحو ما روي عن أنس بن مالك أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم سئل عن أطفال المشركين؟ فقال : «لم تكن (٢) لهم حسنات فيجازوا بها فيكونوا من ملوك الجنة ، ولم يكن لهم ذنوب فيعاقبوا بها فيكونوا من أهل النار ، فهم خدم أهل الجنة (٣)». ونحو ما روي عن الأسود بن يزيد أنه قال : بعث النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم سرية فأسرعوا (٤) في القتل حتى أصابوا الولدان ، فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «ألم أنهكم عن قتل الولدان؟» قالوا : إنّما هم من أولاد المشركين يا رسول الله! قال : «أو ليس خياركم أولاد المشركين»؟ ثمّ أمر مناديه فنادى ألا إنّ كلّ مولود يولد على الفطرة. وفي بعض الأخبار : «حتى يعرب عنها لسانها إما شاكرا وإمّا كفورا» (٥).
وروي عن ابن عباس أنه قال : أطفال المشركين في الجنة ؛ فمن زعم أنهم في النار فقد كذب (٦) ؛ لقول الله تعالى : (وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ* بِأَيِّ ذَنْبٍ
__________________
(١) روي أنهم خدم أهل الجنة. الطبراني في الأوسط ٥ / ٢٩٤ رقم ٥٣٥٥. وكشف الخفاء ١ / ١٣٦ رقم ٣٩٣.
(٢) في (ب) : لم يكن.
(٣) ذكره القرطبي في تفسيره ج ١٤ / ص ٢١ وعزاه الى يحيى بن سلام.
(٤) في هامش الأصل : فأسرفوا ، ورمز ب ظ ، أي إنه ظن.
(٥) رواه مسلم ٤ / ٢٠٤٨. باختلاف يسير.
(٦) أخرجه السيوطي في الدر المنثور ٦ / ص ٥٢٦. بزيادة بل هم في الجنة.