أن يشاركه في القبح ؛ لان الاشتراك في العلة توجب (١) الاشتراك في الحكم وإلا عاد على أصل التعليل بالنقض والإبطال. فثبت أنّ المجازاة بالعقاب والثواب لمن لا يستحق ذلك تكون قبيحة. وإنما قلنا : بان الله تعالى لا يفعل القبيح لما قد حقّقناه وأوضحناه بحمد الله تعالى ، وبذلك يثبت الموضع الثالث.
وأما الموضع الرابع : وهو فيما يؤكد صحة مذهبنا ، ويوضح فساد
مذاهب (٢) المخالفين من أدلة الشرع.
فالذي يدل على ذلك الكتاب والسنة والإجماع. أما الكتاب : فكتاب الله تعالى ناطق بذلك نحو قوله تعالى : (فَكُلًّا أَخَذْنا بِذَنْبِهِ) [العنكبوت : ٤٠].
وقوله تعالى : (أَلَّا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى * وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى * ثُمَّ يُجْزاهُ الْجَزاءَ الْأَوْفى) [النجم : ٣٨ ـ ٤١] ، وقوله تعالى : (كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ) [المدثر : ٣٨] ، وقوله تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً وَلكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) [يونس : ٤٤] ، ولا ظلم أعظم من تعذيب من لا جرم له ، وقوله تعالى : (هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) [النمل : ٩٠] ، وقوله تعالى : (وَما هُمْ بِحامِلِينَ مِنْ خَطاياهُمْ مِنْ شَيْءٍ) [النمل : ٩٠] ، فأوجب تعالى أنهم لا يحملون من خطايا الغير شيئا ، وقوله تعالى : (وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْها) [الأنعام : ١٦٤] وقوله تعالى : (قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّما أَضِلُّ عَلى نَفْسِي) [سبأ : ٥٠] ، وقوله : (مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها) [الجاثية : ١٥] وقوله تعالى : (لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ) [البقرة : ٢٨٦] وأشباه
__________________
(١) في (ج) : يوجب.
(٢) في (ب) : مذهب.