وليس كذلك ، بل المتعلق هو الصلاة ، وليس الكلام فيه ، بل في وجوب الدعاء ، وهو في حق من دخل في الصلاة عيني ، للأمر به الذي هو حقيقة فيه ، ولا إجماع على كفائيته.
نعم ، يمكن أن يقال : إنّ عموم ما دلّ على وجوبه معارض بعموم الصحيح المتقدم الآمر بالتتابع ، وكما يمكن تخصيصه بذلك كذا يمكن العكس ؛ فإنّ التعارض بينهما من قبيل تعارض العموم والخصوص من وجه.
ويضعّف : بمنع العموم في الصحيح ؛ فإنّ غايته الإطلاق المنصرف إلى صورة عدم التمكن من الدعاء خاصة كما هو الغالب ، ولذا ورد في النص والفتوى استحباب أن لا يبرح المصلّي عن موقفه إلى أن يرى الجنازة في أيدي الرجال. ومع ذلك فالاحتياط في العبادة يقتضيه.
ويؤيده إشعار بعض النصوص بذلك ، فإنّ فيه : سمعته يقول في الرجل يدرك مع الإمام في الجنازة تكبيرة أو تكبيرتين ، فقال : « يتم التكبير وهو يمشي معها ، فإذا لم يدرك التكبير كبّر عند القبر ، فإن كان أدركهم وقد دفن كبّر على القبر » (١) إذ لو والى لم يبلغ الحال إلى المشي خلف الجنازة.
ولعلّ هذا مراد الشهيدين في بيان وجه الإشعار وإن قصرت عبارتهما عن إفادته ، فإنهما قالا : إذ لو والى لم يبلغ الحال إلى الدفن (٢).
فإن أرادا به ما تلوناه وإلاّ فضعفه ظاهر ، فإنّ معنى قوله عليهالسلام : « فإن كان قد أدركهم وقد دفن » أنه لم يدرك شيئا من التكبيرات مع الإمام ، لا أنه أدرك البعض ولم يدرك الباقي حتى دفن.
__________________
(١) التهذيب ٣ : ٢٠٠ / ٤٦٢ ، الاستبصار ١ : ٤٨١ / ١٨٦٢ ، الوسائل ٣ : ١٠٣ أبواب صلاة الجنازة ب ١٧ ح ٥.
(٢) الذكرى : ٦٣ ، روض الجنان : ٣١٣.