قال : ويكون المراد بجدّ السير أن يكون مسيرهما متصلا كالحج والأسفار التي لا يصدق صنعته عليها (١).
أو على أنهما إذا أقاما عشرة أيام قصّرا ، كما عليه الفاضل في المختلف (٢).
أو على ما إذا قصدا المسافة قبل تحقق الكثرة ، كما عليه في روض الجنان شيخنا (٣).
أو على ما يصدق عليه جدّ السير عرفا ، وهو السير العنيف الذي يستعقب مشقة شديدة ، كما عليه جماعة من متأخري متأخرينا (٤).
ولعلّه الأقوى ، إلاّ أني لم أجد بهما على هذا التأويل قائلا صريحا وإن احتمله بل قواه هؤلاء ، وبعضهم قوّى ما مرّ عن الذكرى أيضا (٥). ولا وجه له ، بل هو كسائر التأويلات في البعد ـ عدا الأخير ـ إلاّ أن يريد به تقوية أصل الحكم بوجوب القصر إذا أنشئا سفرا غير صنعتهما كما صرّح به جماعة (٦).
وهو أيضا مشكل ؛ لعدم دليل صالح عليه ، إلاّ بعض التلويحات والإشعارات المستخرجة من جملة من المعتبرة المعلّلة لوجوب التمام على كثير السفر بأنه عمله أو أنّ بيته معه ، وبعض الصحاح الذي لم أفهم دلالته. وفي الاعتماد عليها بمجردها إشكال يصعب معه الخروج عن مقتضى الأدلة العامة ،
__________________
(١) الذكرى : ٢٥٩.
(٢) المختلف : ١٦٣.
(٣) روض الجنان : ٣٩٠.
(٤) منهم : صاحب المدارك ٤ : ٤٥٦ ، والمحقق السبزواري في الذخيرة : ٤١٠ ، والفيض الكاشاني في مفاتيح الشرائع ١ : ٢٤ ، وصاحب الحدائق ١١ : ٣٩٣.
(٥) قربه صاحب المدارك ٤ : ٤٥٦.
(٦) منهم : ابن فهد في المهذب البارع ١ : ٤٨٨ ، والشهيد في الذكرى : ٢٥٩ ، وصاحبا المدارك ٤ : ٤٥٦ ، والحدائق ١١ : ٣٩٤.