فقالوا لها : عليك بالمقبل ، فالتفتت إليه وقد دنا منها فسألته فقال : نعم تغسل الميت ، لحديث القاسم عن عائشة : أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال لها : «أما إنّ حيضتك ليست في يدك» (١). ولقولها : كنت أفرق رأس النبي صلىاللهعليهوسلم بالماء وأنا حائض.
قال أبو ثور : فإذا فرقت رأس الحي فالميت أولى به. فقالوا : نعم رواه فلان ، وحدّثناه فلان ، وتعرفونه به من طريق كذا. وخاضوا في الطرق والروايات فقالت المرأة : وأين كنتم إلى الآن؟.
أخبرنا القاضي أبو الحسين أحمد بن علي بن أيّوب العكبري ـ في كتابه ـ أخبرنا علي بن أحمد بن أبي غسان البصريّ ـ بها ـ حدّثنا زكريّا بن يحيى السّاجيّ.
ثم أخبرنا محمّد بن عبد الملك القرشيّ ـ قراءة ـ أخبرنا عيّاش بن الحسن البندار ، حدّثنا محمّد بن الحسين الزعفراني ، أخبرني زكريّا بن يحيى قال : سمعت بدر بن مجاهد يقول : قال لي سليمان الشّاذكوني : اكتب رأي الشافعي ، واخرج إلى أبي ثور فاكتب عنه ، فإنه مذهب أصحابنا الذي كنا نعرفه ، وامض إلى أبي ثور لا يفوتك بنفسه (٢).
قلت : كان أبو ثور أولا يتفقه بالرأي ، ويذهب إلى قول أهل العراق ، حتى قدم الشافعي بغداد ، فاختلف أبو ثور إليه ، ورجع عن الرأي إلى الحديث (٣).
حدّثنا أحمد بن أبي جعفر القطيعيّ ، أخبرنا علي بن عبد العزيز البرذعي ، أخبرنا عبد الرّحمن بن أبي حاتم ، أخبرني أبو عثمان الخوارزمي ـ نزيل مكة فيما كتب إلي ـ قال : قال أبو ثور : كنت أنا وإسحاق بن راهويه وحسين الكرابيسي ، وذكر جماعة من العراقيين ما تركنا بدعتنا حتى رأينا الشافعي.
قال أبو عثمان : وحدّثنا أبو عبد الله النّسويّ عن أبي ثور قال : لما ورد الشافعي العراق جاءني حسين الكرابيسي ـ وكان يختلف معي إلى أصحاب الرأي ـ فقال : قد ورد رجل من أصحاب الحديث يتفقه فقم بنا نسخر به ، فقمت وذهبنا حتى دخلنا عليه فسأله الحسين عن مسألة فلم يزل الشافعي يقول : قال الله وقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم حتى أظلم علينا البيت ، فتركنا بدعتنا واتبعناه.
__________________
(١) انظر الحديث في : صحيح مسلم ، كتاب الحيض ١١.
(٢) ـ انظر الخبر في : تهذيب الكمال ٢ / ٨٢.
(٣) ـ انظر الخبر في : تهذيب الكمال ٢ / ٨٣.