ولقد أجاد فيما أفاده (طاب ثراه) وقد أوضحنا في ترجمة عثمان في (قمد) (١) أنه كان مستقيماً جليلاً ، ثم وقف ثم تاب ، ونظيره في الأعاظم ما لا يحصى ، وإن فارقهم من جهة زيادة أيام انحرافه ظاهراً ، ولكن التوبة تغسل درنها.
وأمّا ابن فضال فلعل رجوعه في آخر عمره كما عليه المحققون وتقريره ما له عند الرواة من الأحاديث ، وما عنده من مؤلفاته ، يُخْرِجُ رواياته عن روايات الفطحية ، مع ما في الفهرست (٢) والخلاصة (٣) وغيرهما من جلالة قدره ، وعظم منزلته ، وزهده ، وورعه ووثاقته ، وما روي في بني فضال وهو من عُمَدِهم.
وأمّا أبان ففي ما في الرسالة من شرح حاله غني للناظر ، مضافاً إلى ما مرّ عن المفيد رحمهالله (٤).
الثاني : إنّ ديدن أعاظم أصحاب الأئمة عليهمالسلام ، وفقهائهم الذين كانوا مرجعاً للفتوى بأمرهم عليهمالسلام ، خصوصاً أو عموماً كان على نقل كلامهم عليهمالسلام ولو على نحو الإفتاء ، وما كانوا يفتون إلاّ بما سمعوا منهم أو رووه ، فتصديق العصابة للجماعة وانقيادهم لهم في فقههم عبارة أُخرى عن اعترافهم بصحة ما يقولون ويفتون ، وما كانوا يفتون إلاّ بما رووه بلا واسطة أو معها ، وهذا عين حكمهم بصحة ما يصح عنهم ، ولذا لم يفرّق أهل النظر من الأصحاب بين الطبقة الأُولى والأخيرتين.
فقال المحقق الشيخ حسن في المنتقى في كلام له ـ : وقد قَويَ الوهم في هذا الباب على بعض من عاصرنا ، فاعتمد في توثيق كثير من المجهولين على صحّة الرواية عنهم ، واشتمالها على أحد الجماعة الذين نقلوا الإجماع على
__________________
(١) راجع الفائدة الخامسة ، رمز (قمد) المساوي لرقم الطريق [١٤٤].
(٢) فهرست الشيخ : ٩٢ / ٣٨١.
(٣) رجال العلاّمة : ٩٣ / ١٥.
(٤) راجع كلام الشيخ المفيد قدسسره في صحيفة رقم : ٣١ من هذه الفائدة ، وانظر تعليقتنا عليه.