عمِّه وقومه وقال : « قم يا عبيدة بن الحارث، قم يا حمزة بن عبدالمطَّلب، قم يا عليَّ بن أبي طالب » فقاموا مسرعين، يهرولون بين الجيشين علىٰ أقدامهم، بقلوب ثابتة، عامرة بالإيمان، ووقفوا أمام القوم، فقال عتبة : تكلَّموا نعرفكم، وكان عليهم البيض، فقال حمزة : أنا حمزة بن عبدالمطَّلب : أسد الله، وأسد رسوله، فقال عتبة : كُفءٌ كريم، وأنا أسد الحلفاء، من هذا معك؟ قال : عليُّ بن أبي طالب وعبيدة بن الحارث، قال : كُفآن كريمان (١).
فبرز عبيدة بن الحارث ـ وكان عمره سبعين سنة ـ إلىٰ عتبة بن ربيعة ـ وقيل شيبة (٢) ـ فضربه علىٰ رأسه وضرب عتبة عبيدة علىٰ ساقه فقطعها، وسقطا معاً، وحمل عليٌّ عليهالسلام علىٰ الوليد ـ وكانا أصغر القوم سنَّاً ـ فضربه عليُّ بن أبي طالب عليهالسلام علىٰ حبل عاتقه، فخرج السيف من أبطه، وحمل حمزة علىٰ شيبة فتضاربا بالسيف حتىٰ انثلما، فاعتنق كلُّ واحد صاحبه، وكان حمزة أطول من شيبة، فصاح المسلمون : يا علي، أما ترىٰ الكلب قد بهر عمَّك، فأقبل عليهما، فقال عليٌّ : « طأطأ رأسك يا عم » فأدخل حمزة رأسه في صدر شيبة، فضربه الإمام علىٰ عنقه فقطعها، ثُمَّ كرَّ عليٌّ عليهالسلام وحمزة علىٰ عتبة فأجهزا عليه، وحملا عبيدة فألقياه بين يدي ابن عمِّه الرسول، فاستعبر وقال : « ألستُ شهيداً يا رسول الله؟ » قال : « نعم ».
قال : « لو رآني أبو طالب لعلم أنَّنا أحقُّ منه بقوله :
ونُسْلمه حتَّىٰ نصرَّع حولهُ |
|
ونذهل عن أبنائنا والحلائلِ» (٣) |
_______________________
١) طبقات ابن سعد ٢ : ١٢.
٢) ارشاد المفيد ١ : ٦٨.
٣) الكامل في التاريخ ٢ : ٢٢.