« أنفذوا بعثة أُسامة » ثم يقول : « لعن الله من تخلّف عنه » (١).
وقد أثبتت المصادر التاريخية أنّ في هذا الجيش أُناساً من كبار الصحابة، منهم أبو بكر وعمر (٢).
لم يكن موقف رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من خلافة الإمام عليٍّ عليهالسلام يوم غدير خُمٍّ آخر المواقف التي صرَّح فيها بأنَّه الوصي من بعده، بل حينما اشتدَّ به مرضه وعلم بما ستقع به أُمَّته من الاختلاف من بعده، أراد أن يصرِّح بها؛ فقال : « ائتوني بدواة وكتف أكتب لكم كتاباً لا تضُّلون بعده أبداً » ثُمَّ أُغمي عليه، وقام أحدهم ليلتمس الدواة والكتف، فقال عمر : ارجع فإنَّه يهجر ـ أو غلبه الوجع ـ حسبنا كتاب الله!!
فمازال يمنع منها حتىٰ كثر التنازع؛ فغضب النبيُّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وأخرجهم من عنده، فقال ـ بعد أن عرضوا عليه الدواة والكتف ـ : « دعوني، فالذي أنا فيه خير ».
هنا كان يتوجَّع ابن عبَّاس ويقول : «يوم الخميس، وما يوم الخميس!» ثُمَّ بكىٰ حتَّىٰ بلَّ دمعه الحصىٰ. فقيل له ـ والرواية عن سعيد بن جُبير ـ : يا ابن عبَّاس، وما يوم الخميس؟
قال : «اشتدَّ برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وجعه، فقال : « ائتوني أكتب لكم كتاباً لا
_______________________
١) الشهرستاني / الملل والنحل ١ : ٢٩.
٢) ابن سعد الطبقات الكبرى ٤ : ٦٦، ترجمة اسامة بن زيد، تهذيب تاريخ دمشق ٢ : ٣٩٥، ٣ : ٢١٨، مختصر تاريخ دمشق ٤ : ٢٤٨ / ٢٣٧، ٥ : ١٢٩ / ٥٦، تاريخ اليعقوبي ٢ : ٧٧، تاريخ الخميس ٢ : ١٧٢.