أعلم بتحريمها حتىٰ الآن.. فأُرتج (١) علىٰ أبي بكر، ولم يعلم وجه القضاء فيه، فأشار عليه بعضُ من حضره أن يستخبر أمير المؤمنين عليهالسلام عن الحكم في ذلك، فأرسل إليه من سأله عنه، فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : « مُرْ ثقتين من رجال المسلمين يطوفان به علىٰ مجالس المهاجرين والأنصار، ويُناشدانهم الله هل فيهم أحدٌ تلا عليه آية التحريم أو أخبره بذلك عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم؟ فإن شهد بذلك رجلان منهم فأقم الحدَّ عليه، وإن لم يشهد عليه أحدٌ بذلك فاستتبه وخلِّ سبيله » ففعل أبو بكر ذلك، فلم يشهد عليه أحدٌ من المهاجرين والأنصار أنَّه تلا عليه آية التحريم، ولا أخبره عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بذلك، فاستتابه أبو بكر وخلَّا سبيله، وسلَّم لعليٍّ عليهالسلام فيما حكم به (٢).
إنَّ الإمام عليَّاً عليهالسلام وفي مدَّة اعتزاله الطويل تفرَّغ لعدَّة مهام، كان أهمُّها وأوَّلها مهمَّة جمع القرآن الكريم، فقد ثبت تاريخياً أنَّ عليَّاً عليهالسلام أخذ علىٰ عاتقه الشريف مهمة جمع آيات الذكر الحكيم، وكان ذلك مبكِّراً جدَّاً من بعد وفاة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم، فلم يخرج من بيته، إلَّا للصلاة حتىٰ جمعه عنده.
وكان هذا أوَّل مصحف يجمع، مرتَّباً بحسب ترتيب نزول السور القرآنية، وكتب في حواشيه أشياء من الناسخ والمنسوخ وأسباب النزول، واختصَّ به لنفسه..
_______________________
١) أُرْتجَ عليه وارتُجَّ عليه : استبهم عليه.
٢) الإرشاد ١ : ١٩٩ وما بعدها..