ولمَّا كان الإمام موجوداً بأمر من الله عزَّ وجلَّ فوجب علينا حقُّ طاعته ونصرته، كما قال تعالىٰ : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ) (١).
وكذا السُنَّة المطهَّرة فرضت علينا معرفة الإمام والاقتداء به، قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « من مات وليس عليه إمام فإنَّ موتته موتة جاهلية » (٢)، وقوله عليه أفضل الصلاة والسلام بوجوب طاعة الإمام وموالاته : « من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية » (٣).
إذن فالرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يترك أُمَّته دون إمام يقود زمامها من بعده، وذلك بأمرٍ من السماء، إذ قال عزَّ من قائل : ( وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ) فما هو جواب الرسول الذي سيملأ هذا الفراغ؟ سيتَّضح ذلك من خلال الأسطر التالية التي تكشف عن حقيقة أنَّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يمارس إعداد الخليفة من بعده عملياً ونظرياً :
لمَّا نزل قوله تعالىٰ : ( وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) رفع شأن عليٍّ عليهالسلام علىٰ آله وعشيرته أجمعين، وخصَّه بمنزلة لا يشركه فيها أحد، فقال عليه أفضل الصلاة والسلام بشأنه يوم الانذار : « إنَّ هذا أخي، ووصيي،
_______________________
١) النساء : ٥٩.
٢) ورد هذا الحديث بعدَّة صيغ، انظر : مسند أحمد ٤ : ٩٦، كنز العمَّال ١ : ١٠٣ / ٤٦٤، المستدرك علىٰ الصحيحين ١ : ١١٧، مجمع الزوائد ٥ : ٢١٨، ٢٢٤، الدرُّ المنثور ٢ : ٢٨٦ ـ عند الآية (١٠٣) من سورة آل عمران، ينابيع المودَّة : ١١٧.
٣) صحيح مسلم ـ كتاب الإمارة ٣ : ١٤٧٨ / ٥٨ ـ (١٨٥١)، جامع الأصول ٤ : ٤٦٣ / ٢٠٦٥.