ولمَّا أكملوا مناسك الحجِّ، نحر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بيده ستِّين بدنة، وقيل : اربعاً وستِّين، وأعطىٰ عليَّاً عليهالسلام سائرها، فنحرها وأخذ من كلِّ ناقةٍ بضعة، فجمعت في قدر واحد فطبخت بالماء والملح، ثُمَّ أكل هو وعلي عليهالسلام (١).
وخطب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بالناس، وأراهم مناسكهم وعلَّمهم حجَّهم، إلىٰ أن قال :
« لا ترجعوا بعدي كفَّاراً مضلِّين يملك بعضكم رقاب بعض، إنِّي قد خلَّفت فيكم ما إن تمسَّكتم به لن تضلُّوا : كتاب الله، وعترتي أهل بيتي، ألا هل بلَّغت »؟ قالوا : نعم. قال : « اللَّهمَّ اشهد ».
ثمَّ قال : « إنَّكم مسؤولون، فليبلِّغ الشاهد منكم الغائب » (٢). ثمَّ ودَّعهم وقفل راجعاً إلىٰ المدينة.
لمَّا قضىٰ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم نسكه وقفل إلىٰ المدينة، وانتهىٰ إلىٰ الموضع المعروف بغدير خُمٍّ نزل عليه جبريل عليهالسلام وأمره أن يقيم عليَّاً عليهالسلام وينصِّبه إماماً للناس؛ فقال : « ربِّ إنَّ أُمَّتي حديثو عهد بالجاهلية » فنزل عليه : إنَّها عزيمة لا رخصة منها، فنزلت الآية : ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن
_______________________
١) تاريخ اليعقوبي ٢ : ١٠٩، إعلام الورىٰ ١ : ٢٦٠، وانظر الطبقات الكبرىٰ ٢ : ١٣٥.
٢) صحيح البخاري، كتاب الفتن ٩ : ٩٠ ح / ٢٦ ـ ٢٩، صحيح مسلم ١ : ٨١ ح / ١١٨ ـ ١٢٠، كتاب الايمان، مسند أحمد ٥ : ٣٧، ٤٤، ٤٩، ٧٣، سنن الترمذي ٤ : ٤٨٦ ح / ٢١٩٣، سنن أبي داود ٤ : ٢٢١ ح / ٤٦٨٦، تاريخ اليعقوبي ٢ : ١١١، ومثله في السيرة الحلبية ٣ : ٣٣٦ ـ دار المعرفة للطباعة والنشر ـ بيروت ١٩٨٠م.