وقال : « أرجو أن تجدوا الخبر عند القليب التي تلي هذا الضريب » فاندفعوا باتجاهه فوجدوا علىٰ القليب روايا قريش، فأسروا ثلاثة منهم، واستطاع الفرار رجل اسمه عجير فأخبر قريشاً، بخبر محمَّد صلىاللهعليهوآلهوسلم وأصحابه..
وقبل أن يقع القتال أنزل الله علىٰ نبيِّه : ( وَإن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا ) (١) فوقف رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بين الطرفين يخاطب قريشاً بأُسلوب يلهب المشاعر : « ارجعوا، فلأن يلي هذا الأمر منِّي غيركم أحبُّ إليَّ من أن تلوه أنتم ».
فأصاب كلامه مكاناً في نفس عتبة بن ربيعة، أحد قادتهم وأبطالهم، فقال لقريش : ما ردَّ هذا قومٌ قط وأفلحوا، يا معشر قريش أطيعوني اليوم واعصوني الدهر، إنَّ محمَّداً له آل وذمَّة وهو ابن عمِّكم فخلُّوه والعرب، فإن يك صادقاً فأنتم أعلىٰ عيناً به، وإن يك كاذباً كفتكم ذؤبان العرب أمره. لكنَّ أبا جهل أبىٰ إلَّا القتال، ووصف موقف عتبة بالجبن والخوف، وظلَّ يلاحق عتبة حتَّىٰ استفزَّه.
ودفع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم رايته إلىٰ عليٍّ، وكان عمره يوم ذاك ٢٥ سنة، وبرز عتبة وشيبة ابنا ربيعة، والوليد بن عتبة بن ربيعة، ودعوا المسلمين إلىٰ البراز، فبرز إليهم ثلاثة من فتيان الأنصار : وهم من بني عفراء : معاذ ومعوذ وعوف (٢)، فلمَّا وقفوا في مقابل عتبة وأخيه وولده، ترفَّعوا عن مقاتلتهم، وطلب عتبة من النبيِّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يرسل له الأكفَّاء من قريش.
فالتفت نبيُّ الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلىٰ بني عمومته، وأحبَّ أن تكون الشوكة ببني
_______________________
١) سورة الأنفال : ٦١.
٢) ذكر ابن الأثير في تاريخه ٢ : ١٢٥ عوف ومعوَّذ ابنا عفراء، وعبدالله بن رواحة، كلَّهم من الأنصار.