في شهر ربيع الأول (١)، وصل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم المدينة ليباشر في وقت مبكر توطيد الأوضاع الجديدة فيها، حيث سيعيش المهاجرون الجدد مع سكان المدينة الأصليين، فكانت أولىٰ الخطوات التي قام بها النبيُّ الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم هي بناء المسجد، الذي عمل فيه مع سائر أصحابه، في جوٍّ مفعم بالمحبَّة والإيمان، وهناك أثنىٰ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم علىٰ أصحابه ثناءً عامَّاً في لحمتهم وحماسهم، وفي أجواء الحماس تلك كان عمّار بن ياسر يسابق غيره في العمل والبناء، الأمر الذي شدَّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فكشف عن سرٍّ خطير، ينتظر عمَّاراً وينتظره عمَّار، ذلك قوله في تلك الأثناء : « ويهاً ابن سُميَّة تقتلك الفئة الباغية » (٢)، هذه الكلمة التي ستكون لها دلالتها الكبيرة في مستقبل غير بعيد.
من الأعمال التي قام بها رسول الله بعد بناء المسجد الشريف : المؤاخاة ولقد سبق منه صلىاللهعليهوآلهوسلم أن آخىٰ بين المهاجرين بعضهم ببعض قبل الهجرة،
_______________________
١) يوم الاثنين لثمان ليالٍ خلون من شهر ربيع الأول، وقيل : لليلتين منه، وقيل : آخر يوم الخميس، لاثنتي عشرة ليلة خلت منه. انظر الطبقات الكبرىٰ ١ : ١٨٠، تاريخ اليعقوبي ٢ : ٤١.
٢) الطبقات الكبرىٰ ١ : ١٨٥.