ما عُرف عن بطل في العالم إلَّا كان مغلوباً حيناً، وغالباً حيناً، إلَّا عليٌّ عليهالسلام فهو الغالب أبداً ودائماً، ومن هنا كان العرب يفخرون بأنَّ قريبهم قُتل بسيف عليٍّ، ويجعلون من هذا دليلاً علىٰ أنَّ صاحبهم بارز عليَّاً، وهو الموت الذي لابدَّ منه.
وعُرف أيضاً بالمروءة والعلم والذكاء، وقد كان يقول : « لو شئت لأوقرت سبعين بعيراً في تفسير فاتحة الكتاب » (١). وهو أعلم أصحاب رسول الله قاطبة بلا منازع، وفي هذا أحاديث كثيرة تشهد له، ووقائع كثيرة تصدّقه.
كلُّ مولود يولد تتعاقبه وراثة الأجيال، فيأخذ من الأب والأمِّ ما يكوِّن به شخصيَّته النفسية والروحية والأخلاقية، والإمام عليٌّ عليهالسلام معروف النسب، فهو ابن سادة العرب، أهل المروءة والشجاعة والكرم، توارثوا السيادة وخصالها أباً عن جدٍّ، عن أبيهم إبراهيم خليل الرحمن.
كما هيَّأ الله سبحانه الأسباب لعليٍّ ليكون أكثر الناس قرباً من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وأخصِّهم به.. بل ليكون النبيُّ أقرب إليه من أبيه وأخوته، ففي الثامنة من عمر علي عليهالسلام ـ وربما كان حوالي عام ٦٠٦ م ـ دخلت قريش أزمة شديدة طاحنة، وسنة مجدبة منهكة، شحَّت فيها موارد العيش، وكان وقعها علىٰ أبي طالب شديداً، إذ كان ذا عيال كثير وقلَّة من المال لا يفي
_______________________
١) مناقب ابن شهرآشوب ٢ : ٤٣، ينابيع المودة / القندوزي : ٦٥.