حتَّىٰ لم يعد له مثيل بين أبطال العرب، يسابق الأسود، ويقطع الرؤوس، ولا يخاف في الله لومة لائم، فهو الوحيد الذي بدَّد آمال الأحزاب في الخندق، وبثَّ في صفوفهم الرعب، وهنا أنزل الله تعالىٰ علىٰ رسوله الآية : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا ) (١).
بنو قريظة : هي فخذ من جذام اخوة النضير، ويقال : إنَّ تهوُّدهم كان في أيام عاديا أبي السموأل، ثُمَّ نزلوا بجبل يقال له : قريظة، فنُسبوا إليه، وقد قيل : إنَّ قريظة اسم جدِّهم بعقب الخندق (٢).
وكانت هذه الغزوة في ذي القعدة سنة خمس (٣) من الهجرة، وكان بين بني قريظة ورسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم صلح فنقضوه، ومالوا مع قريش، فوجَّه إليهم سعد بن معاذ وعبدالله بن رواحه وخوَّات بن جُبير، فذكَّرهم العهد وأساءوا الإجابة، فلمَّا انهزمت قريش يوم الخندق دعا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عليَّاً عليهالسلام، فقال له : « قدِّم راية المهاجرين إلىٰ بني قريظة » وقال : « عزمت عليكم ألَّا تصلُّوا العصر إلَّا في بني قريظة » ثُمَّ سار إليهم في المسلمين وهم ثلاثة آلاف، والخيل ستة وثلاثون فرساً، وذلك يوم الأربعاء لسبع بقين من ذي القعدة.
_______________________
١) سورة الاحزاب : ٣٣ / ٩.
٢) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٥٢.
٣) طبقات ابن سعد ٢ : ٥٧.