همَّتهم وقفلوا راجعين، بعد أن قُتل من المسلمين ثمانية وستُّون رجلاً، ومن المشركين اثنان وعشرون رجلاً، وكفىٰ الله المؤمنين القتال بأمير المؤمنين عليهالسلام.
وقفل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ومن معه راجعين إلىٰ المدينة يوم السبت؛ فاستقبلته فاطمة عليهاالسلام ومعها إناء فيه ماء، فغسل وجهه، ولحقه الإمام وقد خضَّب الدم يده إلىٰ كتفه ومعه ذو الفقار، فناوله فاطمة عليهالسلام فقال : « خذي السيف فقد صدقني اليوم » وقال :
«أفاطمُ هاكِ السيف غير ذميم |
|
وقال فلستُ برعديد ولا بمليمِ |
لعمري لقد أعذرت في نصر أحمدٍ |
|
وطاعة ربٍّ بالعباد عليمِ» |
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « خذيه يا فاطمة، فقد أدَّىٰ بعلك ما عليه، وقد قتل الله بسيفه صناديد قريش » (١).
غزا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بني النضير في شهر ربيع الأول سنة أربع علىٰ رأس سبعة وثلاثين شهراً من مهاجره (٢). وبني النضير هم فخذٌ من جذام إلَّا أنَّهم تهوَّدوا، ونزلوا بجبل يقال له : النضير، فسُمُّوا به.
وجاء في سبب هذه الغزوة : أنَّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مشىٰ إلىٰ كعب بن الأشرف ووجهاء بني النضير، يستقرضهم في دية الكلابيين اللذين قتلهما عمرو بن أُمية الضمري، فقالوا : نعم، نعينك علىٰ ما أحببت، ثُمَّ خلا بعضهم
_______________________
١) إعلام الورىٰ ١ : ٣٧٩.
٢) الطبقات الكبرىٰ ٢ : ٤٣ ـ ٤٤.