ولم يلبث بعدها إلّا يسيراً، وهو أول شهيد من المسلمين في تلك المعركة.
وبرز بعدهما حنظلة بن أبي سفيان إلىٰ عليِّ بن أبي طالب عليهالسلام، فلمَّا دنا منه ضربه عليٌّ بالسيف، فسالت عيناه، وسقط كالذبيح علىٰ رمال بدر، ثُمَّ أقبل العاص بن سعيد بن العاص يطلب البراز، فبرز إليه عليٌّ عليهالسلام وقتله.
ولمَّا رأت مخزوم كثرة القتلىٰ من المشركين، أحاطوا بأبي جهل خوفاً عليه، وألبسوا لأمة حربه عبدالله بن المنذر، فصمد له عليٌّ عليهالسلام وقتله، ثُمَّ ألبسوها الفاكه بن المغيرة، فقتله حمزة وهو يظنُّه أبا جهل، وألبسوها بعدهما حرملة بن عمرو فقتله عليٌّ عليهالسلام أيضاً، وأبىٰ أن يلبسها أحد بعدما رأوا صنيع عليٍّ وحمزة..
ثمَّ التحم الجيشان، ودار بينهما أعنف قتال، فتساقطت الرؤوس وتهاوت الأجسام.
وقَتَلَ عليٌّ عليهالسلام ـ فيمن قتله يوم ذاك ـ نوفل بن خويلد، وكان من شياطين قريش، وكان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قد قال فيه : « اللَّهمَّ اكفني ابن العدوية » وخرج نبيُّ الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من العريش، ولم يبقَ فيه غير أبي بكر، ولم يرد له ولعمر بن الخطَّاب ذكر مع الذين اشتركوا في القتال..
واشترك النبيُّ صلىاللهعليهوآلهوسلم مع المسلمين، وكبرياء مشركي قريش تتهاوىٰ تحت الأقدام، ثمَّ أخذ كفَّاً من التراب ورمىٰ به إلىٰ جهة المشركين قائلاً : « شاهت الوجوه، اللَّهمَّ ارعب قلوبهم » فانهزموا تاركين أمتعتهم وأسلحتهم، وانجلت المعركة عن مقتل سبعين رجلاً من مشركي قريش، وكانوا سادات قريش وأبطالها، وأُسر منهم سبعون رجلاً، وفقد المسلمون أربعة عشر شهيداً.. ستة من المهاجرين، وثمانية من الأنصار.