هذا، ولم يكن قوله له : « أما ترضىٰ أن تنزل منَّي بمنزلة هارون من موسىٰ الا انه لا نبي بعدي » مختصّاً بهذا الموقف، فقد قال له ذلك مرات عديدة سجّل التاريخ وكان هذا الحديث من أوضح الأدلة علىٰ استخلافه من بعده على عموم المسلمين في بحوث مفصّلة مذكورة في كتب العقائد (١).
قصة تبليغ سورة براءة في السنة التاسعة للهجرة من القصص المشهورة، والمنقولة في كتب السير والحديث، نوردها كما أخرجها أحمد بن حنبل في مسنده من حديث أبي بكر : أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بعثه ببراءة إلى أهل مكة : « لا يحجّ بعد العام مشرك، ولا يطوف في البيت عريان، ولا يدخل في الجنة إلّا نفس مسلمة، ومن كان بينه وبين رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مدّة فأجله إلىٰ مدّته، والله بريء من المشركين، ورسوله » قال : فسار بها ثلاثاً، ثم قال النبي لعلي : « إلحقه، فردَّ عليَّ أبا بكر، وبلّغها أنت » قال : ففعل.
فبينا أبو بكر في بعض الطريق؛ إذ سمع رغاء ناقة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم القصوىٰ، فخرج أبو بكر فزعاً، فظنّ أنّه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم، فإذا هو عليّ عليهالسلام، فدفع إليه كتاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم، وأخذها منه وسار، ورجع أبو بكر.. فلمّا قدم علىٰ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بكىٰ، وقال : يا رسول الله، أحَدَثَ فيَّ شيء؟
قال : « لا، ولكن اُمرتُ أن لا يبلّغها إلّا أنا أو رجل منّي » (٢).
_______________________
١) راجع السيد علي الميلاني / نفحات الازهار ـ حديث المنزلة.
٢) مسند أحمد ١ : ٣، ٣٣١ و٣ : ٢١٢، ٢٨٣ و ٤ : ١٦٤، ١٦٥.