تضلُّون بعدي » فتنازعوا، وما ينبغي عند نبيٍّ تنازع، وقالوا : ما شأنه، أهَجَر؟ استفهموه! قال : « دعوني، فالذي أنا فيه خير »». فكان ابن عبَّاس يقول : «إنَّ الرزية كلَّ الرزية ما حال بين رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم» (١).
لمَّا كثر التنازع عند رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم، كما رأينا سابقاً بشأن الكتاب، وخرجوا من عنده، قال : « رُدُّوا عَلَيَّ أخي عَلِيَّ بن أبي طالب ». ولمَّا حضر قال : « ادنُ منِّي » فدنا منه فضمَّه إليه، ونزع خاتمه من يده، فقال له : « خُذ هذا فضعه في يدك » ودعا بسيفه ودرعه ولامته، فدفع جميع ذلك إليه، وقال له : « اقبض هذا في حياتي » ودفع إليه بغلته وسرجها وقال : « امضِ علىٰ اسم الله إلىٰ منزلك » (٢).
وكان عليٌّ عليهالسلام لا يفارقه إلَّا لضرورة، ولمَّا خرج لبعض شأنه قال لهم : « أُدعوا لي أخي وصاحبي » وفي رواية : « ادعو لي حبيبي » فدعوا له أبا بكر، فنظر إليه، ثم وضع رأسه، ثم قال : « ادعو لي حبيبي » فدعوا له عمر، فلما نظر إليه وضع رأسه ثم قال : « ادعو لي حبيبي » فقالت أُمُّ سلمة : أُدعوا له عليَّاً، فدُعي أمير المؤمنين عليهالسلام، فلمَّا دنا منه أومأ إليه فأكبَّ
_______________________
١) ذكرت بعدَّة صيغ في كلٍّ من : صحيح مسلم ـ كتاب الوصية ٣ : ١٢٥٧ / ١٦٣٧، مسند أحمد ١ : ٢٢٢، مسند أبي يعلىٰ ٤ : ٢٩٨ / ٢٤٠٩ البداية والنهاية ٥ : ٢٠٠، الطبقات الكبرىٰ ٢ : ١٨٨، صحيح البخاري ـ كتاب المرضىٰ ٧ : ٢١٩ / ٣٠، الكامل في التاريخ ٢ : ١٨٢، إعلام الورىٰ ١ : ٢٦٥، تاريخ ابن خلدون ٢ : ٤٨٥ تحقيق الأستاذ خليل شحادة وسهيل زكار، الملل والنحل ـ المقدِّمة الرابعة : ٢٩.
٢) إعلام الورىٰ ١ : ٢٦٦ ـ ٢٦٩.