لمحاربة الخليفة الجديد، فهؤلاء هم القاسطون الذين كرهوا خلافة الإمام عليٍّ عليهالسلام.
ووصل الإمام إلىٰ صفِّين في ذي القعدة، وابتدأت الحرب في أوَّل ذي الحجَّة سنة ٣٦هـ، وحصلت الهدنة في المحرم سنة ٣٧ هـ، واستؤنف القتال في أوَّل صفر، وانتهىٰ في ١٣ منه (١)، وعسكر الإمام بالنُخيلة، وعقد لواءه لغلامه قنبر.
ونزل معاوية بمن معه في وادي صفِّين، وأخذ شريعة الفرات، وجعلها في حيِّزه، وبعث عليها أبا الأعور السُّلمي يحميها ويمنعها.. وبعث أمير المؤمنين صعصعة بن صوحان إلىٰ معاوية، يسأله أن يخلِّي بين الناس والماء، فقال معاوية لأصحابه : ما ترون؟ فبعضهم قال : امنعهم الماء، كما منعوه ابن عفَّان، اقتلهم عطشاً قتلهم الله، لكنَّ عمرو بن العاص حاول أن يقنع معاوية بأن يخلِّي بين القوم وبين الماء، فرجع صعصعة فأخبره بما كان، وأنَّ معاوية قال : سيأتيكم رأيي، فسرَّب الخيل إلىٰ أبي الأعور ليمنعهم الماء.
ولمَّا سمع عليٌّ عليهالسلام ذلك قال : « قاتلوهم علىٰ الماء »، فأرسل كتائب من عسكره، فتقاتلوا واشتدَّ القتال، واستبسل أصحاب الإمام أشدَّ استبسالٍ، حتىٰ خلَّوا بينهم وبين الماء، وصار في أيدي أصحاب عليٍّ عليهالسلام.
فقالوا : والله لا نسقيه أهل الشام!
فأرسل عليٌّ عليهالسلام إلىٰ أصحابه أن : « خذوا من الماء حاجتكم وخلُّوا عنهم، فإنَّ الله نصركم بغيِّهم وظلمهم » (٢).
_______________________
١) فضائل الإمام عليٍّ : ١٤٢.
٢) أنظر : الكامل في التاريخ ٣ : ١٦٧، وسير أعلام النبلاء (سيرة الخلفاء الراشدين) : ٢٦٧ مختصراً.